و (الرَّفَثُ) الجماع ، ويطلق على الفحش في القول ، والمراد في الآية : الجماع ، عن ابن عباس ، وأكثر المفسرين ، وعن الأصم : أنها كلمة جامعة لحاجات الرجال إلى نسائهم ، وفي القراءة الشاذة ، وهي قراءة عبد الله «الرفوث» قال الزمخشري رضي الله عنه : وهو الإفصاح بما يجب أن يكنى عنه ، كلفظ «النيك» ويعبر بالرفث عن الجماع ؛ لأنه لا يكاد الجماع يخلو عن شيئ من ذلك ومن هذا يؤخذ جواز المرافثة بين الزوجين.
وقد قيل : في قوله تعالى : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ) إنما وصفهن باللباس ؛ لأن الرجل يسكن إليها ، ويستتر بها عن الأمور التي تنفر عنها النفس ، كما يستتر بلباسه عن كشف ما ينفر الطبع من كشفه ، وقد ذكر بعضهم : أنه يجوز بين الزوجين أن يتشبه أحدهما لصاحبه بغير جنسه ، فتشبه المرأة بالرجل ، والعكس في الكلام واللباس والمشية. ولا يجوز ذلك في غير هذه الحال.
المسألة الثانية : أنه يستحب طلب الولد ، وطلب ليلة القدر ، وتحريم العزل لأنه قد فسر قوله تعالى : (وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) بذلك ، فعن ابن عباس ، والحسن ، وأنس ، ومجاهد ، والضحاك ، وأبي علي : أنه تعالى أراد بذلك الولد ، ورجحه الحاكم ، أي : لا تباشروهن لقضاء الشهوة وحدها ، ولكن لابتغاء ما وضع الله له النكاح من التناسل.
وعن ابن عباس أيضا ، ومعاذ «ابتغوا ليلة القدر» وأن في ذلك أمرا بالعبادة ، وطلب ليلة القدر ، لكن قال الزمخشري : هذا من بدع التفاسير.
وقيل : ذلك نهي عن العزل ؛ لأنه في الحرائر ، وسيأتي الكلام على هذه المسألة إن شاء الله تعالى عند قوله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) [التكوير : ٨].
وقيل : المراد ابتغاء الرخصة ، وقيل : ابتغاء المحل الذي هو حلال ، وهو القبل ، دون المحرم وهو الدبر ، وسيأتي الكلام على هذه أيضا إن شاء الله تعالى عند قوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢٢٣].