قد أخذ من ذلك أحكام :
الأول : أن من طلع الفجر وهو مخالط ، أو في فيه طعام ، فترك الأكل وألقى الطعام من فيه ، وتنحى عن الجماع ، فإن صومه لا يفسد.
هذا مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وقال أبو يوسف ، وزفر (١) ، والمزني : يفسد صومه.
وجه الأول : أن الله تعالى أباح له الأكل حتى يتبين له ، وذلك غاية الإباحة ، فيلزم أن يكون الترك بعد التبين ، وسبب الخلاف أنا لا نعد الإخراج جماعا ، وعدوه جماعا.
قال في الانتصار : فإن جامع قبل طلوع الفجر ، ثم أمنى بعد طلوعه ، ففي الفساد وجهان :
الأول : أنه لا يفسد ؛ لأن الإمناء تولد عن فعل مباح ، واختاره الإمام (٢).
الثاني : أن ذلك يفسد لأن السبب في حكم المقارن لمسببه ، وإنما يكون هذا لمن يشاهد طلوع الفجر ، أما إذا أذن المؤذن ، فترك الأكل ، وتنحى عن الجماع ، فإن ذلك يفسد ؛ لأنه قد واقع بعد طلوع الفجر.
وقال أبو حنيفة ولا كفارة إن استمر ؛ لأن الصوم لم ينعقد.
وقال الشافعي : تجب الكفارة ، أما لو لبث على حاله ، فسد صومه بلا لبس ، وأما الحديث الذي رواه في سنن أبي داود ، عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضعه حتى يقضي
__________________
(١) زفر هو : زفر بن الهذيل بن قيس العنبري ، أبو الهذيل الحنفي ، أحد الفقهاء والعباد ، وقال في الطبقات : ذكره محمد بن منصور في ذكر أصحاب أبي حنيفة ، وقال المنصور بالله : هو ممن قال بالعدل والتوحيد ، وذكر في طبقات الحنفية ، فقال : كان من أصحاب أبي حنيفة ، وكان يفضله ، ويقول : هو أقيس أصحابي ، وقال : هو إمام من أئمة المسلمين ، وقال في الميزان : صدوق ، وثقه ابن معين ، وغير واحد ، توفي سنة ١٥٨ ه.
(٢) يحي ، وهو المختار للمذهب. (ح / ص).