وينقسم [المجاز] أيضا إلى مجاز أقرب ، وهو ما كثر استعماله كالأسد للشجاع ، والبحر للكريم ، والحمار للبليد ، والكلب للخسيس.
وإلى مجاز أبعد وهو ما قل استعماله كقوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ) [الفجر : ٢٢].
وينقسم إلى مجاز بالتبديل لحرف بحرف ، كقوله تعالى : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٧١] أي على جذوع النخل.
وإلى مجاز بالتشبيه ، كقوله تعالى : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) [مريم : ٤].
وأما الخلاف في وقوع المجاز فالجمهور على وقوعه ، بدليل إطلاق أهل اللغة الأسد على الشجاع ، وخالف الأستاذ أبو إسحاق (١) ، وقال : إنه يؤدي إلى مفسدة ، وهو أنه يخل بالتفاهم ؛ لأن الفهم يسبق إلى الحقيقة.
وأجيب ببطلان المفسدة مع القرينة ، وهو واقع في القرآن عند الجمهور ، بدليل : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ) [الكهف : ٧٧] ولا إرادة للجدار. (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) [الشورى : ٤٠].
(فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) [البقرة : ١٩٤].
والقصاص ليس بسيئة ولا عدوان ، وقوله تعالى : (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) [الإسراء : ٢٤] ولا جناح للولد حقيقة.
__________________
(١) والفارسي مطلقا (فصول).
وأبو إسحاق هو : الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الاسفراييني ، الملقب بركن الدين ، الفقيه الشافعي المتكلم الأصولي صاحب التصانيف الجليلة ، كان ثقة في الحديث ، ضليعا في قواعد اللغة ، توفي سنة ٤١٨ ه (المزهر للسيوطي ١ / ٢٠ ، هامش وفيات الأعيان ١ / ٢٨).