الحرم ؛ لأنهم كانوا يعيبون المسلمين بذلك فقيل : شرككم (١) أعظم من القتل في الحرم ، قال الزمخشري : ويجوز أن يراد وفتنتهم إياكم بكونهم صدوكم عن المسجد الحرام ، فذلك أشد من قتلكم لهم في الحرم ، أو من قتلهم لكم لو قتلوكم ، فلا تبالوا بقتالهم ، بل (اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) (٢).
وقرئ في السبع (٣) (ولا تقتلوهم ... حتى يقتلوكم ، ... فإن قتلوكم فاقتلوهم) جعل القتل في بعضهم كالقتل في جميعهم.
وقوله تعالى : (فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) دل ذلك على قبول التوبة من كل ذنب ؛ لأن الكفر أعظم الذنوب ، فيبطل قول من قال : لا توبة لقاتل.
ويدل على : سقوط الواجبات على الكافر من حد ، وقتل ، وحق ، كقوله تعالى في سورة الأنفال : (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) [الأنفال : ٣٨] وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الإسلام يجب ما قبله» هذا إن فسر الإنتهاء بالتوبة ، وهو الظاهر ، وإن فسر بترك ابتدائهم القتال ، فالتقدير فاعفو عنهم ، وهو خبر بمعنى الأمر ، لكن قيل : ذلك العفو منسوخ بآية السيف.
وقوله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) أي : حتى لا يكون شرك دلت على وجوب الجهاد حتى يزول الكفر (٤).
وفي الآية دلالة على أن كفار العرب لا تقبل منهم الجزية ؛ لأن الآية مسوقة فيهم
__________________
(١) في ب (شركهم).
(٢) الرواية من الكشاف بالمعنى ، ولفظ الكشاف (ويجوز أن يراد : وفتنتهم إياكم بصدّكم عن المسجد الحرام أشدّ من قتلكم إياهم في الحرم ، أو من قتلهم إياكم إن قتلوكم فلا تبالوا بقتالهم).
(٣) حمزة ، والكسائي ـ بغير ألف في الجميع ، الباقون بالألف. (التهذيب للحاكم).
(٤) أو شوكته. (ح / ص).