وقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) قيل : الباء زائدة ، والمعنى : ولا تجعلوا التهلكة مالكة لكم ، وقيل : المعنى : لا تلقوا بأنفسكم ، وقيل : المعنى : ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم (١) ، كما يقال : أهلك فلان نفسه بيده.
واختلفوا بعد ذلك ، فقيل : المعنى النهي عن ترك الإنفاق في سبيل الله ؛ لأن ذلك يسبب الهلاك ، وعن الإسراف في الإنفاق الذي يضيع معه عياله.
وعن ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، وعكرمة ، والأصم : أنها نزلت في البخل
وقيل : إن ذلك نهي عن المخاطرة بالنفس في القتال.
وقيل : المعنى : النهي عن ترك الغزو الذي يحصل به قوة العدو ، فيتولد منه التهلكة
قال في الكشاف : «وروي أن رجلا من المهاجرين حمل على صف العدو ، فصاح به الناس : ألقى بيده إلى التهلكة ، فقال أبو أيوب
__________________
(١) جعله في (لا تلقوا بأنفسكم) لازما ، وفي الثاني : متعديا إلى الأول بنفسه ، والى الثاني بحرف الجر. وفي نسخة (ولا تقتلوا أنفسكم بأيديكم) والصواب ما في أ ، لأنه يريد الفرق بين الفعل لازما ، ومتعديا.
وقال الحاكم في التهذيب : (الباء في قوله (بِأَيْدِيكُمْ) قيل : زائدة كقولهم : جذبت الثوب ، وبالثوب ، وتعلقت زيدا وبزيد ، وقيل : ليست بزائدة ولكنها على أصل الكلام من وجهين احدهما أن كل فعل متعد إذا كني عنه أو قدر على المصدر دخلته الباء كقوله : ضربته ثم يكنى عنه فتقول : فعلت به ، والآخر أن تقول : وقعت الضرب منه فجاء على الأفعال المتعدية. والوجه الثاني ـ أنه لما كان معناه لا تهلكوا أنفسكم بأيديكم دخلت الباء لتدل على هذا المعنى ، وهو خلاف أهلك نفسه بيد غيره).