الأنصاري (١) : نحن أعلم بهذه الآية ، وإنما نزلت فينا ، صحبنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنصرناه ، وشهدنا معه المشاهد ، وآثرناه على أهالينا ، وأولادنا ، وأموالنا ، فلما فشا الإسلام ، وكثر أهله ، ووضعت الحرب أوزارها ، رجعنا إلى أهالينا ، وأولادنا ، وأموالنا نصلحها ، ونقيم فيها ، فكانت التهلكة الاقامة في الأهل والمال ، وترك الجهاد» وقيل : إن ذلك في إساءة الظن بالله تعالى ، والتهلكة : مصدر ، من هلك ، وأبدلت الكسرة ضمة ، كما جاء الجوار ، والجوار (٢).
وقد دلت الآية على أحكام :
الأول : وجوب الإنفاق في الجهاد والحج ، وسيأتي زيادة إن شاء الله تعالى
قال الحاكم : وهي تدل على وجوب الإنفاق في الدين ، وهو ما شرع من الزكوات والجهاد ، ونفقة الأقارب ، والمحتاجين ، ومعونة من تجب معونته ، والحج ، وأن الجهاد قد يكون بالمال.
الحكم الثاني : يتعلق بقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) أن الحج لا يجب إلا بأمن الطريق ، وأن من خاف على نفسه من الصوم وجب
__________________
(١) أبو أيوب الأنصاري هو : خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة ، أبو أيوب الأنصاري ، من بني النجار ، صحابي ، شهد المشاهد كلها ، كان شجاعا ، صابرا ، تقيا ، محبا للغزو والجهاد ، وتوفي في القسطنطينية ، ودفن في حصنها سنة ٥٢ ه ح / س.
(٢) ولفظ الكشاف (وحكى أبو علي في (الحلبيات) عن أبي عبيدة ، التهلكة والهلاك والهلك واحد. قال : فدلّ هذا من قول أبي عبيدة على أن التهلكة مصدر. ومثله ما حكاه سيبويه من قولهم التضرة والتسرة ونحوها في الأعيان : التنضبة والتنفلة.
ويجوز أن يقال : أصلها التهلكة كالتجربة والتبصرة ونحوهما ، على أنها مصدر من هلك فأبدلت من الكسرة ضمة ، كما جاء الجوار في الجوار).