وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أبيه «أفسح لنا خاصة أم لمن بعدنا؟ قال : بل لنا خاصة». وعن عثمان أنه قال : «متعة الحج كانت لنا ليست لكم» وقال أبو ذر (١) : «ما كان لأحد بعدنا أن يحرم بالحج ، ثم يفسخه في عمرة» ويؤيد هذا قوله تعالى في هذه السورة : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ).
قال في النهاية : وذهب ابن عباس إلى جواز ذلك ، وبه قال أحمد ، وداود ، ولم يصح لهم التخصيص للصحابة بذلك.
الثالث : أن المراد المحصر إذا دخل مكة بعد فوت الحج ، فإنه يخرج بعمل عمرة ، روى ذلك عن ابن الزبير ، وهو متمتع بالعمرة ؛ لأنه يحل بها.
الرابع : وهو المشهور من مذاهب العلماء : أنه من يحرم بالعمرة ثم يحل ، ويحج في سنته ، وقد يدعى الإجماع على ذلك ، وهو أحد الأحكام المأخوذة من الآية الكريمة ، وفي حديث ابن عمر قال : «تمتع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج».
ومن روى أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل بالحج ليس معه عمرة ، أو أنه قرن ، قال :
معنى تمتع ، أي : أمر بالتمتع ، كما روي أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم «رجم ماعزا» أي : أمر برجمه.
__________________
(١) أبو ذر هو : جندب بن عبد الله أبو ذر الغفاري ، وقيل : اسمه برر ـ بالموحدة مضمومة ، ثم راء مكررة ـ وقيل : اسم أبيه السكن ، أسلم رضي الله عنه قديما ، وتأخرت هجرته ، فلم يشهد بدرا ، في قول ، فهو من السابقين الأولين ، والنجباء الأقربين ، لازم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى مات ، ثم سكن المدينة ، حتى نفاه عثمان إلى الربذة ، وكان غاية في الزهد ، قوالا بالحق ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، ثم قال صلىاللهعليهوآلهوسلم (ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر) وقال :
(إن الجنة تشتاق إلى أربعة علي وأبي ذر وسلمان وعمار) ومناقبه كثيرة رضي الله عنه ، توفي رحمهالله بالربذة سنة ٣٢ ه وصلى عليه ابن مسعود ، ولم يعقب.