وفي هذه الألفاظ قراءات ، فقراءة الأكثر بالنصب في الجميع ، قال الثعلبي : ذكر أهل المعاني : أن ظاهر الآية ، وإن كان نفيا ، فمعناه النهي ، أي لا ترفثوا ، ولا تفسقوا ، ولا تجادلوا ، كقوله تعالى : (لا رَيْبَ فِيهِ) [البقرة : ٢] أي : لا ترتابوا.
القراءة الثانية : قراءة ابن كثير ، وأبي عمرو ، ويعقوب (فلا رفثٌ ولا فسوقٌ) بالرفع والتنوين (وَلا جِدالَ) بالنصب ، وهذا كقول أمية :
فلا لغو ولا تأثيم فيها |
|
وما فاهوا به أبدا مقيم |
وجعلوا الأولين على معنى النهي ، والثالث على معنى النفي ، وكان الثالث أحق بالنفي لعموم النفي ، والإخبار بأن الحج قد استدار في ذي الحجة ، بخلاف الرفث والفسوق ، فقد يقع من الخطأ فلا يصلح فيه عموم النفي.
قال الزمخشري : [واستدلّ على أن المنهي عنه هو الرفث والفسوق دون الجدال بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج كهيئة يوم ولدته أمه «وأنه لم يذكر الجدال] (١) ولفظ الثعلبي في رواية الحديث «من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
ومن قرأ بالنصب (٢) جعل في الثلاثة عموم النفي مبالغة في النهي.
__________________
(١) ما بين القوسين هو لفظ الزمخشري ، أما لفظ الأصل فهو كالتالي (واستدل على أن المنهي عن الأولين دون الثالث بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج كهيئته يوم ولدته أمه» ولم يذكر الجدال) وفيه خطأ نحوي فكان من حقه أن يرفع (الأولين) لأنه خبر إن ، وقد رأينا أن لفظ الزمخشري أولى بوضعه من أن نصحح (الأولين).
(٢) أي : بالفتح ، لأنه مركب كتركيب ثلاثة عشر ، فهو مبني على الفتح ، كما هو مقرر في مضانه.