والعتاب. والتحريم مجمع عليه ، وهو معلوم من الدين ضرورة ، فمستحلها يكفر ، وشاربها غير مستحل يفسق ، والظاهر أن آية البقرة قاضية بالتحريم ؛ لأنه جعل فيها إثم كبير ، وهذا قول الحسن ، والقاضي.
وقال قتادة وأبو علي : إنما حرمت بآية المائدة ، وحرم السكر بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [النساء : ٤٣] (١) وإنما توقف من توقف من الصحابة بعد نزول آية البقرة لنزول ما هو آكد ، والنفع هو الالتذاذ بشرب الخمر ، والقمار ، وسلب الأموال به ، والتوصل بهما إلى مصادقة الفساق ، والنيل من مطاعمهم.
وتفسير الخمر : أنه الشراب المتخذ من عصير العنب إذا غلا واشتد ، ورمى بالزبد ، فهذا هو الذي يحرم بالإجماع ، وهو المعلوم تحريمه ضرورة ، الذي يكفر مستحله ، ويفسق شاربه. قيل : وكذا من عصير الرطب ، ويسمى ما يكون من البسر الفضيخ (٢) ، وبقي الكلام في صور أخر.
الأولى : نقيع الزبيب والتمر إذا غليا واشتدا ، فالأكثر على تحريمهما ، لكن هل لكونهما خمرا ؛ لأنهما يخامران العقل ، أو لدليل يخصهما ، فمن أثبت القياس في اللغة قال : هما داخلان في اسم الخمر ؛ لأنه سمي بهذا الاسم لمخامرته للعقل وتغطيته له ، وقال الأكثر : لا يصح
__________________
(١) في أخذ تحريم السكر من هذه الآية خفاء ؛ لأنه نهي عن قرب الصلاة في هذه الحالة ، فيحقق ، وقد يقال : بل يؤخذ التحريم منها ؛ لأنه مثل قوله : لا تمت وأنت ظالم ، فإنه نهي عن الظلم ، وهذا نهي عن السكر ، وعن فعل الصلاة أيضا ، والله أعلم. (ح / ص).
(٢) الفضيخ : هو بمعنى المفضوخ ، أي : المكسور والمشدوخ من البر والتمر ، قال الحربي : الفضيخ : أن يفضخ البر ، ويصب عليه الماء ويتركه حتى يغلي ، وقال أبو عبيد : هو ما فضخ من البر من غير أن تمسه نار ، فإن كان معه تمر فهو خليط. ح / ص.