ونكح طلحة نصرانية ، ونكح حذيفة يهودية ، ولكنه مكروه عندهم.
قال في مهذب الشافعي ، والانتصار ، والشفاء : إنما يجوز عندهم في حق من لم تبدّل.
حجة القول الأول : أن اسم الشرك يقع على أهل الكتاب بدليل قوله تعالى في سورة التوبة : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [التوبة : ٣١].
وقال تعالى في سورة التوبة : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [التوبة : ٣٠] (١) فوصف اليهود والنصارى بالشرك ، قال أهل القول الثاني : إن الشرك لا يطلق على أهل الكتاب إلا مجازا.
ولهذا قال تعالى في سورة البقرة : (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ) [البقرة : ١٠٥] وقال في سورة البينة : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) [البينة : ١] ففصل بينهما بواو العطف (٢) ، ثم لو سلم أن اسم الشرك ينطلق عليهم ، فإن هذا معارض بآية المائدة ، وهي متأخرة ، وهي قوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) [المائدة : ٥].
فعن سعيد بن جبير ، وقتادة : أن قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) عامة ، وقوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) خاصة.
__________________
(١) في نسخة إلى قوله : (سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) وهي الآية الأولى التي تقدم الإستدلال بها.
(٢) والعطف يقتضي التغاير ، كما هو مقرر عن العلماء.