علي ، وأبو هاشم ، وقاضي القضاة ، والغزالي ، وغيرهم : إن انتفاءه لا يدل على انتفاء الحكم ، بدليل قوله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) [النور : ٣٣] وقوله تعالى : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) [النور : ٣٣] وقوله تعالى : (وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) [البقرة : ٢٨٣] ونحو ذلك.
وأجيب : بأن الإكراه في العادة لا يكون إلا مع إرادة التحصن ، فالآية واردة على العادة ، وبأنهن إذا لم يردن التحصن فقد أردن البغاء ، ولا إكراه مع الإرادة ، وقد يخلف الشرط شرط آخر ، مثل إن دخلت الدار فأنت طالق ، ثم علق بشرط آخر ، أو نجزه (١) فإنه يصح لحصول ما يعارض المفهوم مما هو أقوى منه.
وقد لا يكون للشرط مفهوم ، مثل قوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) [الحجرات : ٩] وقوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) [النساء ٣٥].
السادسة : الوصف المبين للمجمل ، ويدخل في ذلك ما أشبهه من الصفات ، وقد اختلفوا هل يدل على أن ما عداه بخلافه أم لا؟ فقال الشيخ أبو عبد الله ، والشيخ أبو الحسين ، وكثير من أصحاب الشافعي : إنه يدل.
وقال أبو هاشم ، وقاضي القضاة : إنه لا يدل ، واستيفاء الحجج في غير هذا المكان (٢).
وأما مفهوم اللقب : فهو أضعف المفهومات ، والأكثر أنه لا يدل ، وخالف في ذلك بعض الحنابلة ، وأبو بكر الدقاق ، وذلك كتخصيص الربا بالأشياء الستة ، فإن ذلك لا يدل على قصر الربى عليها ، وكما لو قال : زيد
__________________
(١) أي : نجز الطلاق ، فإنه لا يؤخذ بالمفهوم (مجد الدين المؤيدي).
(٢) في نسخة (في غير هذا الكتاب).