على من يبغض ، ولا يأثم في مَنْ يُحبّ ، صبورٌ في الشدائد ، لا يجور ، ولا يعتدي ، ولا يأتي بما يشتهي ، الفقرُ شعارُه (١٨) ، والصبرُ دثارُه (١٩) ، قليلُ المؤونة ، كثيرُ المعونة ، كثيرُ الصيام ، طويلُ القيام ، قليل المنام ، قلبه تقيّ ، وعلمهُ زكيّ ، إذا قَدَر عفا ، وإذا وَعَد وفى ، يصومُ رغباً ، ويُصلّي رهباً ، ويُحسِنُ في عمله كأنّه ناظر إليه ، غضّ الطَّرْف (٢٠) ، سخيُّ الكفّ ، لا يردُّ سائلا ولا يبخلُ بنائل (٢١) ، متواصلا إلى الإخوان ، مترادفاً إلى الإحسان ، يَزِنُ كلامَه ، ويُخرسُ لسانَه (٢٢) ، لا يغرقُ في بغضه ، ولا يهلكُ في حُبّه ، لا يقبل الباطلَ من صديقه ، ولا يردّ الحقَّ من عدوّه ، ولا يتعلّم إلاّ ليعلم ، ولا يعلم إلاّ ليعمل ، قليلا حقدُه ، كثيراً شكرُه ، يطلب النهار معيشته ، ويبكي الليل على خطيئتِه ، إنْ سَلَكَ مع أهل الدنيا كان ...
______________________________________________________
(١٨) الشعار هو الثوب الذي يلي الجسد يُسمّى بالشعار لأنّه يلي الشعر ، وفي حديث مناجاة موسى بن عمران عليهالسلام « يا موسى ، إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحباً بشعار الصالحين » كما تلاحظه مع ما يخصّه من معنى الفقر في الحديث (١).
(١٩) الدثار هو الثوب الذي يُلبس فوق الشعار. يقال تدثّر بثيابه أي لبسها.
(٢٠) أي يغضّ ويخفض عينه عمّا حرّم الله النظر إليه.
(٢١) نائل وجمعه نوائل هي العطيّة.
(٢٢) فيكفّ عمّا لا يحلّ التكلّم به.
__________________
١ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٢ ، ص ١ ، ب ٩٤ ، في فضل الفقر والفقراء وحبّهم ومجالستهم والرضا بالفقر.