إرشاد القلوب ، في مرفوعة الشيخ المفيد إلى أنس بن مالك قال : كنت أنا وأبو ذرّ وسلمان وزيد بن أرقم عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ دخل الحسن والحسين عليهماالسلام فقبّلهما رسول الله ، وقام أبو ذرّ فانكبّ عليهما وقبَّل أيديهما ثمّ رجع فقعد معنا فقلنا له ، سِرٌّ يا أبا ذرّ ، أنت رجل شيخ من أصحاب رسول الله تقوم إلى صبيين من بني هاشم فتنكبّ عليهما وتقبّل أيديهما؟
فقال : نعم لو سمعتم ما سمعت فيهما من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لفعلتم لهما أكثر ممّا فعلت أنا ، فقلت ، وما سمعت يا أبا ذرّ ، قال : سمعته يقول لعلي عليهالسلام ولهما :
يا علي ، واللّهِ لو أنّ رجلا صلّى وصامَ حتّى يصيرُ كالشنِّ البالي ـ أي القربة الخَلِقَة ـ إذاً ما نفَعْتُه صلاتُه ولا صومُه إلاّ بحبِّكم.
يا علي ، من تَوسّلَ إلى اللّهِ جلَّ شأنُه بحبِّكم ، فحقّ على اللّهِ ان لا يردَّهُ.
يا علي ، من أحبّكم وتمسّكَ بكُم فقد تَمسّكَ بالعُروةِ الوثقى.
قال : ثمّ قامَ أبو ذرّ وخَرج ، فتقدَّمْنا إلى رسولِ اللّهِ فقلنا ، أخبَرَنا أبو ذرّ عنكَ بكَيت وكَيت ، فقال : صدقَ أبو ذرّ ، وصدقَ واللّهِ أبو ذرّ ، ما أظلَّتِ الخضراءُ ولا أقلَّتِ الغبراءُ (١) على ذي لَهجة أَصدَق من أبي ذرّ ،
______________________________________________________
(١) أي ما أظلَّت السماء ولا حملت الأرض إذ تسمّى السماء بالخضراء لأنّها تعطي الخضرة في لونها ، وكذلك تسمّى الأرض بالغبراء لأنّها تعطي الغُبرة في لونها.