فيما بين السماء والأرض» (١).
وهذا المعنى يستفاد من غيره من الأخبار أيضا تصريحا وتلويحا.
مضافا إلى ما سمعت من أنّ حقيقة الاستعاذة هي الالتجاء والتفويض والتوكل ، والتسمية مشتملة على تلك المقامات حسب ما تسمع إن شاء الله ، ولذا قال مولانا الرضا عليه آلاف التحية والثناء :
«بسم الله يعني أسم نفسي بسمة من سمات الله ، وهي العبادة ، قيل : وما السمة؟ قال : العلامة» (٢).
بل التحقيق أن التسمية والاستعاذة بمنزلة التولي والتبري الذين إذا اجتمعا افترقا ، وإذا افترقا اجتمعا كغيرهما من الألفاظ التي حالها كذلك كالفقراء والمساكين.
إلا أنه لا يخفى أن هذا كله لا يدفع استحباب الاستعاذة عينا بعد تعلق الأمر به في ظاهر الكتاب ، وتعليقه على الشرط المفيد للعموم حسب تحقق الشرط.
مضافا إلى أن البسملة أيضا من القرآن الذي أمرنا الله سبحانه عند إرادة قراءته بالاستعاذة ، وغاية ما يدل عليه خبر فرات مع الغض عن ضعفه ، وقصوره عن تخصيص ظاهر الكتاب إنما هو حصول الغاية التي هي حجب الشيطان وطرده كما هو الظاهر من مساقه ، وأين هذا من سقوط الحكم الندبي الثابت بظاهر الآية.
وقد ظهر من جميع ما مر أن الأولى هو الجميع بين الاستعاذة والبسملة مطلقا في مفتتح السور وأوساطها ، وأما أوساط سورة برائة فلا وجه لاستثنائها أو الترديد فيها مطلقا ، نعم ، قد سمعت أن البسملة ليست جزءا منها وأين هذا من عدم
__________________
(١) الوسائل : ج ٢ / ٧٤٦ ، ح ٨ ، عن فروع الكافي : ج ١ / ٨٦.
(٢) عيون الأخبار : ج ١ / ٢٦٠ ، ح ١٩ ، وعنه كنز الدقائق : ج ١ / ٤٢ ، ط مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم.