مرتادا (١) فقال :
نحن من شجرة طيبة ، برأنا الله من طينة واحدة ، فضلنا من الله ، وعلمنا من عند الله ، ونحن أمناؤه على خلقه ، والدعاة إلى دينه ، والحجاب فيما بينه وبين خلقه. أزيدك يا زيد؟
قلت : نعم ، فقال : خلقنا واحد ، وعلمنا واحد ، وفضلنا واحد ، وكلنا واحد عند الله عزوجل في مبتدأ خلقنا ، أوّلنا محمد ، وأوسطنا محمّد ، وآخرنا محمد (٢) صلى الله عليهم أجمعين.
وثانيهما : مقام نسبتهم إلى ربهم في كيفية الإجابة وتقدّمها وتأخّرها ، وهم مختلفون في ذلك ، فمن تقدّم في الإجابة والتلبية كان هو الأفضل المقدّم ، ولذا دلّت الأخبار على تقديم بعضهم على بعض ، وأفضلية بعضهم من بعض.
ولعل إجماع المسلمين واقع على أفضلية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على أمير المؤمنين عليهالسلام وعلى سائر الأئمة عليهمالسلام ، وإليه يرمي قوله :
«أنا عبد من عبيد محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣) ، وعلّمني ألف باب من العلم ينفتح لي من كل باب ألف باب (٤) ، وقوله : أنا من محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كالضوء من الضوء» (٥) ولا ريب أنّ السراجين من طينة واحدة إلّا أنّ الأول مقدّم والثاني اشتعل منه.
وفي «بصائر الدرجات» عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام قالا :
«إنّ الله خلق محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم من طينة من جوهرة تحت العرش وأنه كان لطينته
__________________
(١) مرتادا : طالبا ، أي طالبا لمعرفتكم والاطلاع على فضائلكم.
(٢) بحار الأنوار : ج ٢٥ / ٣٦٣ ، ح ٢٣ عن كتاب المتحضر : ص ١٦٠.
(٣) لم أظفر على مصدره.
(٤) رواه غير واحد من الفريقين منهم التفتازاني في شرح المقاصد ج ٢ ص ٢٢٠ ، والقندوزى في الينابيع ص ٧٧.
(٥) نهج البلاغة كتابه عليهالسلام الى عثمان بن حنيف رقم ٤٥. وفيه كالصنو من الصنو.