ولأن الولاية تصرّف ، وإحاطه وسلطانه بإذن الله في الأمور التشريعية والتكوينية ، فلسان الولي لسان الله ، ويده يد الله ، وقلبه وعاء لمشية الله ، كما قالوا : «إنّ قلوبنا أوعية لمشية الله ، فإذا شاء الله شئنا» (١).
(وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (٢).
واما النبوة فهي سفارة ورسالة ووساطة في التشريعات (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٣) ، (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِ) (٤).
وقد تبيّن مما ذكرناه أنّ لخاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم بل لغيره من الأنبياء والمرسلين مقامات أعلاها وأسناها مقام ولايتهم المطلقة أو المقيّدة ، كلّ على حسب مرتبته ، وولاية كلّ منهم إذا قيست إلى ولاية وصيّه المقتبس من مشكاة نوره المستضيء بتجلّي ظهوره كانت أعلى وأشرف وأسنى منها ، فلا يلزم من ترجيح الولاية وتفضيلها على النبوة والرسالة تفضيل الوصي على النبي ، بل هو مؤيّد ومؤكّد للعكس ، ولذا أثبت الله الولاية لنفسه أوّلا ، ثم للنبي والوصي على الترتيب فقال :
(إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٥).
وقال تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) (٦).
وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من كنت مولاه فعلي مولاه» (٧).
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢٥ / ٣٣٧ ، ح ١٦ عن غيبة الطوسي : ص ١٦٠.
(٢) سورة الإنسان : ٣٠ وسورة التكوير : ٢٩.
(٣) سورة النور : ٥٤ وسورة العنكبوت : ١٨.
(٤) سورة الكهف : ٤٤.
(٥) المائدة : ٥٥.
(٦) سورة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ص ١١.
(٧) رواه غير واحد من أعلام الفريقين من غير واحد من الصحابة والتابعين ، راجع عبقات