وفي «الاحتجاج» عنه صلىاللهعليهوآله : «إذا قال العبد الحمد لله أنعم الله عليه بنعيم الدنيا موصولا بنعيم الآخرة وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها وينقطع الكلام الذي يقولونه في الدنيا ما خلا (الْحَمْدُ لِلَّهِ) وذلك قوله : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١)» (٢).
وأما حمده سبحانه على نعمه وآلائه فمع توقفه على معرفة المنعم موقوف على العلم التفصيلي بالنعم وأجناسها وأنواعها وأصنافها ومباديها وأسبابها وغاياتها وافتراقاتها في إبداع فؤاده ، وخلق عقله ، وروحه ونفسه ، وطبيعته ومزاجه ، ومثاله وعنصره ، وجسمه وجسده ، وأعضاؤه وأخلاطه ، وقواه ومشاعره ، وظاهره وباطنه ، وسره وعلانيته ، وأغذيته الروحانية والجسمانية ، وملاحظة مباديها ونزولها من البحر الذي هو تحت العرش بأيدي الملكة الحفظة الكرام ، من الذاريات ، والحاملات والجاريات ، والمقسمات ، والمدبّرات ، وغيرها من عمّال الكائنات والمكوّنات ، وعبودها من أطباق السموات إلى أن حملتها الرياح ، ثم السحاب ، ثم الهواء ، ثم الأرض ، ثم النبات ، ثم الحيوانات وما له فيما بين ذلك من الكيموسات والكيلوسات والاستحالات والتنقلات ، والإشراقات والإمدادات والإفاضات والقرانات والمقابلات والمزاحمات والمدافعات.
فمن أين للعبد الذليل الضعيف المسكين المستكين أن يشكر واحدة من نعمه الكثرة الجميلة الجزيلة الجليلة التي لا تحصى ولا تستقصى ، ولذلك أفرد النعمة في قوله : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) (٣) أي من حيث الشكر عليها من حيث المبادي والأسباب وغيرها مما ذكرناه ومما لم نذكر.
__________________
(١) يونس : ١٠.
(٢) بحار الأنوار : ج ٩ / ٢٩٥ ، ح ٥.
(٣) يونس : ١٠.