الكلام فيها في مواضعها إن شاء الله.
ثانيهما باعتبار أنه سبحانه خلط أوليائه المقرّبين بنفسه فجعل ظلمهم وقوعا وصدورا ظلمه ، ورضاهم رضاه وسخطهم سخطه ، وحبهم حبّه كما صرّح به الامام عليهالسلام في الخبرين الأخيرين.
وذلك لما ذكره صدر المحققين في شرح الخبر الأخير من أنّ الولي الكامل والفاني المضمحلّ هو الّذى يستغرق وجوده في وجود الحقّ المعبود لأنّه الموجود في مقام العبودية والشهود الراجع إلى عالم الوحدة الجمعيّة بعد طيّ منازل الكثرة في مراحل التفرقة وقد خرج من البين والأين ، ووصل وفي في العين ، فحينئذ إن بقي على هذه الحالة في المحو ولم يرجع إلى الصحو كان محجوبا بالحقّ عن الخلق على عكس حالة المحجوبين بالخلق عن الحق ، فحينئذ لا شغل له في هذا العالم ولا أسف ولا ضجر ولا غضب ولا رضى ولا غير ذلك مع الخلق لأنّ جميع ذلك فرع الالتفات إليهم ولا معاملة معهم فإذا صارت تلك الحالة ملكة راسخة له وقويت ذاته بحسب وسع شخصه وقلبه انشرح صدره وصار جالسا في مقام التمكين على الحدّ المشترك بين الحق والخلق غير محتجب أحدهما عن الآخر فحينئذ كلّ ما يصدر عنه من الأعمال والأفعال والمجاهدات والمخاصمات وغيرها كان لله وبالله ومن الله وفي الله ، فإن غضب كان غضبه بالله ولله ، وإن رضى كان رضاه كذلك وهكذا في جميع ما يفعل أو ينفعل فكان غضبه غضب الحق ورضاه رضاه من دون أن يكون انضجاره راجعا إلى أسف الخلق وانضجارهم بوجه.
لكن يجب أن يعلم لدفع الإشكال الوارد هنا بأنّ هذه الانفعالات والتغيّرات كيف تنسب إلى الحق تعالى ، إنّ الأولياء الكاملين الكمّلين للخلق ما داموا في هذا العالم لا مخلص لهم عن الإشتغال بالخلق والمخالطة معهم وإصلاحهم وتأديبهم وتعليمهم وأمرهم بالمعروفات ونهيهم عن المنكرات ، وحينئذ تلحقهم لوازم البشرية