ونقائص الخلقيّة من الأذى والألم والانضجار والأسف وغيرها من الانفعالات والاستحالات وإليه الاشارة بقول الامام عليهالسلام في الخبر المتقدّم : يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون ، ولكن لمّا كان أصل اشتغالهم بأمور الدنيا والتفاتهم إلى الخلائق بواسطة أمر الله وطاعته وعبارته فكلّما يلحقهم من ذلك ويصل إليهم كان لله وفي سبيله ، فجعل رضاهم رضا نفسه ، وسخطهم سخط نفسه.
والحاصل الذي يستحيل على الله من الانفعالات والتغيرات هو الذي يكون وصفا له بالذات وبالحقيقة ويصل إلى ذاته بذاته ، والذي لا يكون أولا وبالذات بل بالعرض وبواسطة العبد واسطة في العروض لا واسطة في الثبوت ولا في الإثبات ، واليه الإشارة بقوله : لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلّاء عليه ، ولذلك صاروا كذلك ، فإنّ لهم لتوسّطهم بين الله وبين خلقه جهتين ظاهرية مع الخلق ، وباطنية مع الحقّ.
ثمّ ذكر أنّ في قوله في الخبر : «وليس ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه» تنبيها لطيفا على أنّ كلّما هو من الصفات من الأمور الوجودية التي هي مظاهر أسمائه وصفاته فهو ثابت للحق تعالى على وجه أعلى وأشرف ، فإنّ صفات الوجود كالوجود نفسه في كلّ موطن من المواطن وعالم من العوالم بحسب ذلك الموطن والمقام ، فالغضب مثلا في الجسم جسماني وصفي كما يشاهد من ثوران الدّم وحرارة الجلد وحمرة الوجه ، وفي النفس نفساني إدراكى وهو إرادة الانتقام والتشفي من الغيظ ، وفي العقل عقلي ، وهو الحكم الشرعي والتصديق بتعذيب طائفة ، والمحاربة لأعداء الله ، وإقامة الحدود وما يجرى مجرى ذلك ، وغضب الله ما يليق بمفهومات صفاته بوجود ذاته ، وكذا الشهوة فانّها في النبات الميل إلى جذب الغذاء والنموّ ، وفي البدن الحيواني انفتاخ العضو المخصوص وامتلاء أوعية المنيّ ، وجذب الرحم الإحليل ، وفي نفسه التلذذ النفساني بالمباشرة ، وفي النفس الإنساني محبّة الإخوان والمؤالفة والصداقة والعشق العفيف الّذى منشؤه تناسب