الأعضاء والشمائل الحسنة لحسان الوجوه ، لا غلبة الشهوة واستيلاء الحيوانيّة البهميّة ، وفي العقل الابتهاج بمعرفة الله وصفاته وأفعاله وكيفيّة ترتيب الوجود وسلسلتي البدو والنهاية ، والخلق والأمر ، والملك والملكوت ، وقد مرّ سابقا أنّه تعالى بحسب كلّ صفة ونعت هو له ليس كمثله شيء في تلك الصفة ، والمخلوقات وصفاتها رشح وتبع لذاته وصفاته ، والمجعول لا يساوى جاعله في وجوده ولا في صفات وجوده ، فليس كمثله شيء في كلّ الوجوه والجهات ، ولكن الجميع فيه على وجه أعلى وأشرف. انتهى كلامه زيد مقامه.
وفيه مع الغضّ عمّا في بعض كلامه من جواز عروض بعض الصفات ولو بواسطة العبد وكونه واسطة في العروض لوضوح فساده إلّا أن يريد به جواز الإطلاق لا العروض ومن إثبات العشق العفيف حسبما أجمله في المقام وفصّله في أسفاره ، وستسمع تمام الكلام في إبطاله عند تفسير قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً) (١) آه.
أنّ صفات الإمكانية والمعاني الكلّية لا يتّصف بشيء منها ذات الواجب جلّت عظمته ، والقول بالرشح والنسخ والتنزل وغيرها ممّا تقوله بعض الصوفية القائلين بوحدة الوجود باطل جدّا حسبما أسلفنا بعض القول فيه ، وبيّنا أنّ العلم والقدرة وغيرهما من صفات الذات أو من صفات الفعل ليس إطلاقه عليه سبحانه من باب الاشتراك المعنوي بأن يكون للعلم مثلا معنى واحد مختلف المراتب بحسب الشرافة واللطافة والإحاطة والبساطة وامتدادها فيتّصف الواجب به على وجه أشرف وغيره على حسب مرتبته ، فإنّ هذا المعنى الواحد إن كان واجبا غير الذات فيتعدّد الواجب ، وكيف يتّصف به غيره أو عينه فليس وصفا لغيره وإلا لكان
__________________
(١) البقرة : ١٦٥.