من ذلك ان يكون لوجودها بداية اذ لو لم يكن لوجودها بداية وجب ان يكون هذا الوصف أمراً ذاتياً لها كما هو شأن كل امر ذاتي ، اذ لو كان ذاتياً لها وجب أن لا يكون لها نهاية وقد اثبت العلم هذه النهاية لها.
وثبوت النهاية للمادة دليل على وجود البداية لها ، وهذا هو ما نعنيه ونقصده بحدوث المادة.
ولاجل ان يقف القارئ على ما يميز به الذاتي عن غير الذاتي ، وكيف ان الذاتي للشيء ملازم للازلية والابدية ، ولا يفارقهما ، بخلاف غيره نأتي بمثال يوضح المراد ، وان كان بين المثال والممثل له فرق ، من جهة اخرى (١) ، فنقول :
ان تساوي أضلاع المربع أمر ذاتي للمربع اي انه يلازمه ما دام مربعاً ، فهذا الحكم بما انه ذاتي ازلي لا تفترض له اية بداية مثل كل القوانين الرياضية وكون نتيجة ٧×٧ هي (٤٩) امر ذاتي له لا يفارقها ابداً ، ولا يمكن ان يفترض له أية بداية او نهاية.
وليس هذا الانتيجة ذاتية لخصيصة المربع و ٧×٧. ومن هذا المثال يتضح ما هو ذاتي وما هو غير ذاتي ، ويتبين كيف أن الأمر الذاتي لا يخضع البداية او نهاية.
فلو كان الوجود والتحقق للمادة المتحولة إلى الطاقة امراً ذاتياً لها وجب أن لا يفارقها ابداً ، وأن لا تصير المادة الى الفناء والعدم ، والحال ان العلوم الطبيعية ، اعترفت بان المادة سينتهي سلطانها وتفنى قوتها ، وطاقاتها ، وتموت ، وتبرد ، فالمفارقة من جانب النهاية دليل على عدم كون الوجود ذاتية للمادة ،
__________________
(١) والفرق هو ان الازلية في المثال في اطار الذهن خاصة والحال ان الازلية المقصودة في الممثل له هي الازلية حسب العينية الخارجية اي الازلية في الواقع الخارجي ، الا ان المثال يقرب من وجه ويبعد من آخر.