والالهام بهذا المعنى كثير في حياة الناس لدرجة انه لا يمكن لاحد انكاره والتشكيك فيه ، بل ربما نسب الكثير من الاختراعات والاكتشافات ، والمضامين الشعرية الرفيعة السامية جداً ، الى الالهام ، لأنها تظهر عند الشخص من دون ان يفكر فيها مسبقا ، أو يكون ملتفتا اليها ، وأيضاً من دون أن يقف الانسان على العامل الملهم لها ، أي مصدر الهامها.
ثم انه قد يتحقق «الالهام» بسماع صوت من دون أن يرى السامع متكلماً فاننا نجد ونعرف في المسلمين رجالا قد بلغوا هذه المرتبة الرفيعة في الكمال فتلقي في روعهم بعض الأفكار والمطالب الشامخة ، وربما سمعوا ـ في ذلك ـ أصواتا وكلمات.
على اننا لا نقصد ـ هنا ـ تصديق كل من يدعي الالهام في نفسه أو سماع اصوات كهذه ، ولكننا نقصد بان كثرة وقوع امثال هذه الحالة في الحياة البشرية قد وصلت الى حد لا يمكن لاحد انكارها وتجاهلها.
ولقد انتبه الروحيون الى هذا الأمر عند البحث في قضايا الروح ، ونقل العالم المشهور موریس میتر لنج نماذج من ذلك اليك واحدة منها :
يعد «الكابتن ماك گودن» أخويه الشابين أن يأخذهما الى الملهى ، فيشتري تذاكر الملهي قبل الموعد بيوم ، وفي صبيحة اليوم التالي يسمع صوتاً يقول له : لا تأخذهما إلى الملهى ، اذهب بهما إلى المعهد ، فلا يكترث بهذا الصوت ولكن حيث ان الصوت المذكور لا ينقطع ، فانه ينصرف عن الذهاب الى الملهی ، فيدخل بذلك الحزن على أخويه ، وفي الليلة نفسها يحترق ذلك الملهی وتلتهم النيران كل شيء فيه ويحترق في وسط السنة اللهب أكثر من ثلاثمائة متفرج».
كما نذكر هنا قصة اخرى في هذا المجال بلغتنا عن طريق الثقاة.