ولعل وجه التقييد كون ظهور إطلاق الصيغة في الايجاب التعييني أقوى من ظهور المطلق في الاطلاق (١).
______________________________________________________
(١) هذا وجه ثان لحمل المطلق على المقيد غير الوجه الاول ، وهو كون الجمع اولى من الطرح لما تقدم من انه لا ينحصر الجمع بينهما بذلك ، بل يمكن بحمل المقيد على افضل الافراد.
وتوضيحه : ان المنافاة بين المطلق والمقيد هو بين اطلاقين : اطلاق المطلق في شموله لجميع الافراد وانه لا يختص بالفرد المقيد ، والاطلاق في المقيد بكون الوجوب فيه تعييني ، فانه لو كان افضل الافراد لكان وجوب المقيد غير مختص به ، وانه هو الواجب لا غير دون الفرد غير المقيد ، فان اعتق رقبة اطلاق الوجوب التعييني فيه محفوظ ، وانما الكلام في ان الوجوب التعييني فيه هل هو لخصوص فرده المقيد او يعم غيره؟ بخلاف الوجوب التعييني في اعتق رقبة مؤمنة ، فانه اذا حملنا المطلق عليه كان الوجوب التعييني فيه محفوظا ، واذا حملناه على الاستحباب بمعنى كونه افضل افراد الواجب فالوجوب فيه ليس تعيينيا بل هو احد افراد الواجب لطبيعة المطلق ولكنه افضلها ، والعقل يخير بينه وبين غيره من الافراد الخالية عن القيد.
فتبين : ان التنافي بين الاطلاق في المطلق وبين اطلاق صيغة الامر في المقيد في اقتضائه للوجوب التعييني ، وظهور صيغة الامر في المقيد في الوجوب التعييني اقوى من ظهور اطلاق المطلق ، هذا اذا قلنا ان دلالة صيغة الامر على التعييني بالاطلاق ، واما اذا قلنا بالوضع او الانصراف فكونه اقوى مما لا ريب فيه ، والى ما قلنا اشار بقوله : «ولعل وجه التقييد» في حمل المطلق على المقيد كما هو المشهور وترجيحه على احتمال الاستحباب في المقيد هو «كون ظهور اطلاق الصيغة في المقيد في» دلالته على «الايجاب التعييني اقوى من ظهور المطلق في الاطلاق».