إلى أن التخصيص قد اشتهر وشاع ، حتى قيل ما من عام إلا وقد خص ، والظاهر يقتضي كونه حقيقة ، لما هو الغالب تقليلا للمجاز (١) ، مع أن
______________________________________________________
(١) استدل القائلون بانها موضوعة للخصوص وليست بموضوعة لخصوص العموم وليس للعموم صيغ تخصه كما في الخصوص بدليلين :
الأول : مؤلف من كبرى ، وهي انه اذا دار أمر اللفظ بين كونه حقيقة في القدر المتيقن او انه موضوع لما يعم القدر المتيقن وغيره ، فالاولى كونه موضوعا لخصوص القدر المتيقن للعلم بأنه مراد على كل حال.
وبعبارة أخرى : ان غرض المستدل اما ان يكون ان الخصوص حيث انه هو القدر المتيقن فيما لو شككنا في وضع اللفظ له او للاعم فلا بد من الاقتصار عليه دون الاعم لان الاعم يحتاج الى دليل ، اما القدر المتيقن فحيث انه مراد قطعا فلا يحتاج الى دليل لاثبات وضع اللفظ له.
او ان غرض المستدل بكون القدر المتيقن اولى في كونه هو الحقيقة دون الاعم ، لأن الغرض من وضع الالفاظ انما هو لبيان ما يراد من مداليلها واذا كان الخصوص مرادا على كل حال سواء اريد هو أو اريد الاعم منه فينبغي ان يكون هو الذي يوضع له اللفظ لان الغرض فيه أتم من الوضع للاعم.
واما الصغرى : فهي كون الخصوص هو القدر المتيقن من اللفظ المدعى وضعه للعموم فهذا مما لا ريب فيه.
ويرده اولا : ان الوضع لا يتعين بالاصول العقلائية ، لان الاصول العقلائية لاحراز المراد لا لاحراز الوضع ، فالاقتصار على القدر المتيقن انما هو في مقام الاخذ بالمراد لا في تعيين ما وضع له اللفظ.
كما ان كون القدر المتيقن هو المراد لا يستدعي وضع اللفظ له لان الغرض كما يتعلق بخصوص القدر المتيقن يتعلق ـ أيضا ـ بالاعم منه.