اللهم إلا أن يقال : إن استقلال العقل بالمحذور فيه إنما يكون فيما إذا لم يكن هناك ترخيص في الاقدام والاقتحام في الاطراف ، ومعه لا محذور فيه ، بل ولا في الالتزام بحكم آخر (١) إلا أن الشأن حينئذ في جواز جريان
______________________________________________________
مانعة ، فجريان الاصول في المقام متوقف على عدم وجوب الالتزام بالحكم الواقعي من باب توقف الشيء على عدم مانعة.
والحاصل : ان جريان الاصول يتوقف على عدم لزوم محذور من عدم الالتزام بالحكم الواقعي وهو «اللازم من جريانها» أي ان عدم وجوب الالتزام بالحكم الواقعي هو اللازم من جريان الاصول «وهو موقوف على جريانها بحسب الفرض» أي وعدم لزوم المحذور من عدم وجوب الالتزام بالحكم الواقعي في المقام موقوف على جريان الاصول ، لان المفروض انه لو لا جريان الاصول لوجب الالتزام بالحكم الواقعي ولا رافع لوجوبه الا جريان الاصول في المقام ، فتحصل ان جريان الاصول متوقف على عدم وجوب الالتزام ، وعدم وجوب الالتزام متوقف على جريان الاصول ، فجريان الاصول متوقف على عدم وجوب الالتزام وعلى كل ما يتوقف عليه وجوب الالتزام ، وقد عرفت ان عدم وجوب الالتزام متوقف على جريان الاصول ، فجريان الاصول يتوقف على جريان الاصول ، وهو الدور او نتيجته وهو توقف الشيء على نفسه.
فتلخص مما ذكرنا : ان دفع محذور وجوب الالتزام الذي هو المانع عن جريان الاصول في المقام بما ذكر في الرسالة ، الذي حاصله ان وجوب الالتزام هنا مرفوع بجريان الاصول في الاطراف الرافعة للحكم الواقعي ، لان لازمها عدم الحكم الواقعي فلا يجب الالتزام به لارتفاع الحكم الذي هو موضوع وجوب الالتزام ، فان رفع وجوب الالتزام بهذا الطريق يستلزم الدور كما عرفت.
(١) توضيحه : انه لو قلنا بان العلم الاجمالي بالتكليف علة تامة لتنجزه لا توقف له على شيء ، يكون ما ذكر في الرسالة من رفع التكليف بوجوب الالتزام بجريان