.................................................................................................
______________________________________________________
الاصول دوريا كما تقدم بيانه ، لان العلم الاجمالي بوجود تكليف في المقام يقتضي وجوب الالتزام به لوجود علته التامة وهو العلم الاجمالي به ، فيكون وجوب الالتزام بما هو الحكم الواقعي متحققا قطعا وهو مانع عن جريان الاصول ، فرفعه بجريان الاصول يستلزم الدور كما عرفت.
اما لو قلنا بان العلم الاجمالي ليس علة تامة لتنجز التكليف ، بل هو مقتض يتوقف تأثيره على عدم جعل من الشارع في مورده مناف له ، وعلى هذا فوجوب الالتزام في المقام هو الذي يكون موقوفا على عدم جريان الاصول في المقام ، فلا يتم الحكم بوجوب الالتزام بالحكم الواقعي الا حيث لا تجري الاصول ، ومع جريانها لا يكون حكم بوجوب الالتزام ، فيكون التوقف من طرف واحد لا من الطرفين حتى يلزم الدور.
والحاصل : ان وجوب الالتزام يتوقف على عدم جريان الاصول ، واما جريان الاصول فلا يكون موقوفا على عدم وجوب الالتزام ، لان العلم الاجمالي به ليس علة تامة له بل هو مقتض وله شرط وهو عدم جريان الاصول في مورده ، ومع جريانها لا تتحقق علته التامة فلا يكون هنا حكم بوجوب الالتزام حتى يكون مانعا عن جريان الاصول فيتوقف جريانها على عدمه فيلزم الدور ، وهذا هو مراده من قوله : «إلّا ان يقال ان استقلال العقل بالمحذور فيه» أي استقلال العقل بوجود المانع في المقام انما يتم على ان العلم الاجمالي علة تامة بنفسه ، من غير توقف له على شيء في تنجز الحكم المتعلق به ، واما اذا قلنا ان العلم الاجمالي مقتض والحكم بوجوب الالتزام «انما يكون فيما اذا لم يكن هناك ترخيص في الاقدام والاقتحام في الاطراف ومعه» أي ومع القول بهذا «لا محذور فيه» أي لا محذور في جريان الاصول في المقام لعدم وجود الحكم الواقعي الذي يجب الالتزام به حتى يكون مانعا عن جريانها ، وايضا لا محذور في الالتزام بحكم آخر فعلي مناف للحكم الواقعي ولذا قال : «ولا في الالتزام بحكم آخر».