ثانيها : إنه لما وجب الانذار لكونه غاية للنفر الواجب ، كما هو قضية كلمة (لو لا) التحضيضية ، وجب التحذر ، وإلا لغا وجوبه (١).
______________________________________________________
واشار الى انه مع تعذر هذا المعنى في استعمال كلمة (لعل) لا بد وان تكون مستعملة في اقرب المجازات وهو الترجي الانشائي الذي كان بداعي المحبوبية بقوله : «كان هو محبوبية التحذر عند الانذار» ثم اشار الى ان محبوبية التحذر من العقاب عند الانذار تلازم وجوبه شرعا وعقلا بقوله : «واذا ثبت محبوبيته ثبت وجوبه شرعا لعدم الفصل» أي للقول بعدم الفصل بين محبوبية الحذر من العقاب وبين وجوب الحذر شرعا.
والى العقل اشار بقوله : «وعقلا» أي ان العقل يحكم بان محبوبية الحذر ملازمة «لوجوبه» لان محبوبية الحذر من العقاب انما تكون «مع وجود ما يقتضيه» أي ما يقتضي الحذر ووجود المقتضي للحذر هو تنجيز الاحكام ، والمنجّز اما العلم او الحجة ، فانه لو لا فعلية الاحكام وتنجزها فالعقل يحكم بقبح العقاب بلا بيان ، ومع حكمه بالقبح لا يكون الحذر حسنا ولا واجبا عند العقل ، ولذا قال : «وعدم حسنه بل عدم امكانه» لمحالية صدور القبيح من الحكيم «بدونه» أي بدون وجود ما يقتضي محبوبية الحذر ، وحيث ان قول المنذرين ـ بالكسر ـ لا يوجب العلم فلا بد وان يكون قولهم حجة وهو المطلوب.
(١) هذا هو الوجه الثاني من الوجوه المستفادة من الآية لدلالتها على حجية خبر الواحد ، وبيانه : ان الآية دلت على وجوب النفر ودلت على ان غاية هذا الواجب هو الانذار ولا بد ان تكون غاية الواجب واجبة ايضا ، لبداهة عدم معقولية ان تكون الغاية للواجب ما يجوز تركه.
والغاية لوجوب الانذار هو ان يكون انذار المنذر يوجب الحذر والخوف ، واذا كان هذا هو الغاية للانذار فوجوب الانذار يدل بدلالة الاقتضاء على وجوب الحذر بحيث لو لم يكن الحذر مذكورا في الآية لدل وجوب الانذار عليه بدلالة الاقتضاء ،