.................................................................................................
______________________________________________________
ومن الواضح ان الآية مسوقة للحض على وجوب النفر ووجوب الانذار منهم ، ثم دلت على ان وجوب التحذر مما يترتب على ذلك ، ولم يكن سوق الآية لوجوب التحذر ولبيان انه هو الغاية لوجوب الانذار حتى يكون لها اطلاق من هذه الجهة.
وبعبارة اخرى : انه لو كان بدل لعلهم يحذرون واحذروا اذا انذرتم او شبه هذا التعبير لكان للآية اطلاق من ناحية وجوب التحذّر ، فالاطلاق النافع لافادة حجية الخبر غير موجود وهو الاطلاق في وجوب التحذّر ، والاطلاق الموجود وهو اطلاق وجوب الانذار غير نافع لافادة حجيته ، لما عرفت من ان الانذار وان وجب على كل فرد إلّا انه لا يستلزم ان يكون الغاية لكل انذار هو وجوب التحذر ، لامكان ان يكون انذار كل واحد ـ منفردا ـ جزء ما يوجب التحذّر ، ويكون وجوب التحذّر مشروطا واقعا بما يوجب العلم الذي يحصل من تكاثر انذار المنذرين بالكسر.
فان قلت : الاطلاق في ناحية وجوب الانذار كاف في افادة كون الغاية وهي وجوب التحذر غاية لكل انذار ، واذا كان وجوب التحذر غاية لكل انذار يتم المطلوب من الاستدلال ، واما كون الاطلاق في ناحية الانذار مفيدا لذلك فلانه بعد ان كانت الغاية هي وجوب التحذر فوجوب الانذار منفردا فيما اذا كان وجوب التحذر مشروطا بالعلم لا وجه له ، فان الانذار من المجموع هو المفيد للغاية دون كل انذار منفردا ، فيكون وجوبه منفردا على كل واحد من الطائفة النافرة سواء أنذر غيره ام لم ينذر لغوا ، فالاطلاق في ناحية الانذار يكفي لافادة ان وجوب التحذّر هو غاية لكل انذار منفردا.
قلت : لعل السبب في كون وجوب الانذار كان وجوبا مطلقا على كل واحد من النافرين لئلا يحصل التواكل منهم في مقام الانذار ، فانه لو كان وجوبه مشروطا بانذار الجميع ليحصل العلم لامكن ان لا يحصل انذار من واحد منهم اصلا.
وعلى كل فقد اشار المصنف الى ما ذكرنا بقوله : «لعدم اطلاق يقتضي وجوبه» أي وجوب التحذر «على الاطلاق» سواء افاد الانذار العلم ام لا