يكون في المرتبة المتأخّرة متولّدا عن الإرادة لا متعلّقا لها. ولا ينافي ذلك توصيفه بالاختياريّة ؛ فإنّا حيثما نصف الفعل بالاختياريّة لا نعني منه إلّا كونه صادرا من مبدأ العلم بالصلاح المتعلّق بكلّي ذلك الفعل لا العلم بالصلاح المتعلّق بشخص ذلك الفعل. هذا في الفعل المتعلّق للطلب ، وأمّا المفعول به لهذا الفعل ، فجاز أن يكون جزئيّا ك «أكرم زيدا» كما جاز أن يكون كلّيّا.
وأمّا الثاني وهو أنّ الطلب على تقدير تعلّقه بالوجود فهل هو متعلّق بأفراد الوجود على أن يكون فردا ما من طبيعة كذا الواقعة في حيّز الخطاب بكافّة خصوصيّاته متعلّقا للطلب ، أو هو متعلّق بأصل الوجود ملغاة عنه كلّ ما عداه من الطوارئ والعوارض الملازمة طائفة منها على البدل لكلّ وجود وجود؟
والحقّ هو الثاني ؛ وذلك لأنّه لو كان متعلّقا بالفرد فإمّا هو فرد معيّن ، أو فرد ما مردّدا ، أو مفهوم الفرد ، أو أحد الأفراد ؛ والأوّل باطل بعدم ذكر ما يعيّن الفرد في ظاهر الخطاب. ولو ذكر وعيّن أيضا لا يخرج ما يحويه الخطاب عن الكلّيّة وإن أتى بألف قيد.
والثاني باطل بأنّ فردا ما مردّدا لا وجود له في الخارج ليتعلّق به حكم.
والثالث لا يخرج عن تعلّق الطلب بالكلّي ؛ فإنّ مفهوم الفرد أو أحد الأفراد كلّي كنفس ما أضيف إليه هذا المفهوم ينطبق على كلّ ما ينطبق هو عليه.