وهذه التصرّفات التي ذكرناها بين ما هو مخالف للظاهر فقط ، وبين ما هو مخالف مع ذلك لحكم العقل.
أمّا ما هو مخالف للظاهر فقط فهو التصرّف الأوّل ؛ فإنّ الشرطيّتين ظاهرتان في استقلال كلّ شرط بالتأثير ، فكان رفض الاستقلال عن كلّ رفضا لهذا الظاهر. ورفع اليد عن الظهور لقرينة عقليّة ـ وإن كان ليس بعزيز ـ إلّا أنّ قيام القرينة العقليّة على ذلك في المقام وأنّ المقام من قبيل تعدّد السبب ممنوع ، وإن أوهم ظاهر الشرطيّتين ذلك ؛ لما عرفت من عود التعليق في القضايا الشرطيّة إلى الفعل الواقع في حيّز الطلب.
فكانت صور تعدّد الشرط واتّحاد الجزاء أجنبيّة عن مسألة اجتماع العلل المتعدّدة على معلول واحد داخلة في مسألة انطباق عنوانين ذوى حكم على محلّ واحد ؛ إذ بعد ما صار مفاد «أكرم زيدا إن جاءك» هو أكرم زيدا الجائي ، وكذا مفاد «أكرم زيدا إن أعطاك» هو أكرم زيدا المعطي ، فإذا جاء زيد وأعطى كان كما إذا اتّحد عنوان الهاشمي والعالم الواجب إكرامهما في زيد وأثر ذلك تأكّد الحكم في المجمع لاجتماع مناطين ، بل لو قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي لم يكن مانع من فعليّة الإيجابين في المجمع.
ولعلّ هذا مراد من قال بأنّ علل الشرع معرّفات لا مؤثّرات ، وإلّا فالمعرّفيّة لا ترفع الإشكال إن كان كلّ واحد معرّفا لعلّة تامّة. وإن أريد أنّ لكلّ معرّف لعلّة واحدة أو لحكم واحد ، كالأمارات المتعدّدة الحاكية عن حكم واحد فذاك واضح البطلان.
وأمّا المخالف للعقل والظاهر فذاك بقيّة الوجوه ؛ فإنّه يتّجه على من خصّ التأثير بأسبق الشرطين وجودا بأنّ رعاية حال ما هو الواقع في الخارج في مقام الجمع بين الأدلّة غريب ؛ إذ الجمع تصرّف في دلالة الأدلّة وصرف الظاهر منهما عن ظهوره بقرينة الأظهر ، وبينه وبين الخارج بون بعيد.
هذا ، مع أنّ الأسبقيّة ليست تحت ضابطة ، فربّ سابق في واقعة هو مسبوق في أخرى. والالتزام بالتعطيل في واقعة والتأثير في الاخرى أغرب.
ويتّجه على من كثّر الجزاء بتعدّد الشرط ـ على أن يكون الواجب بكلّ شرط فرد من الطبيعة ـ بأنّ المراد من الفرد إن كان هو الفرد الخارجي ومصداق الفرد لم يعقل تقييد الطبيعة الواقعة في حيّز الطلب به ؛ لأنّه قبل الوجود لا فرد وبعده لا وجوب ؛ وإن كان هو مفهوم الفرد