أمّا ما استدلّ به للأوّل فهو قبوله صلّ الله عليه وآله وسلّم إسلام من شهد بكلمة التوحيد. ولا يتمّ ذلك إلّا بدلالة هذه الكلمة على الحصر ، فلولاه لكانت نافية لألوهيّة غير الله تعالى غير مثبتة لألوهيّته تعالى ، فلعلّه كان منكرا للجميع.
ويردّه : أنّ الظاهر أنّ كلمة التوحيد مسوقة لنفي إلهيّة غير الله تعالى بعد الفراغ عن ألوهيّة الله تعالى ، فهي في مقام نفي الشريك. والحصر إنّما يستفاد من ضمّ هذا النفي إلى الإثبات المفروغ عنه ، لا أنّ بهذه الكلمة أريد النفي والإثبات جميعا.
وقد يشكل على استفادة التوحيد من هذه الكلمة بأنّ الخبر المقدّر فيها إمّا هو «موجود» أو «ممكن» ، وأيّا منهما كان لا تفيد الجملة توحيد الوجود والإمكان [معا] ، بل إمّا هي لتوحيد الوجود ، أو لتوحيد الإمكان.
ويردّه : أنّ المقدّر هو «موجود» ، ويكفي في تحقّق الإسلام قصر الإله الموجود فيه تعالى ، مع أنّ شريك البارئ لا يفرض فيه الإمكان ، بل بين واجب وممتنع ، وإلّا لم يكن شريكا بل كان ممكنا مخلوقا ، فالشريك إن كان فهو واجب وإن لم يكن فهو ممتنع. وعليه فيكفي نفيه في ثبوت امتناعه ، فكان نفي وجود الشريك مدلولا مطابقيّا للكلمة ونفي إمكانه مدلولا التزاميّا لها.