عدم معقوليّة أخذ قصد التقرّب الذي به قوام الصحّة في متعلّقاتها.
وأمّا الاستدلال بحديث بناء الإسلام على الخمس فيردّه أنّ كلّا من بناء الإسلام على الصحيح وأخذ الناس بالفاسد ممّا لا إشكال فيه. وبعد ذلك كان الاستدلال بالحديث على إثبات المدّعى تمسّكا بالاستعمال.
مع أنّ ذلك ليس بأولى من التمسّك به لإثبات الصحيح ، وحمل أخذ الناس بالأربع على الأخذ به بحسب معتقدهم لا واقعا ـ إلّا أن يناقش في جواز إطلاق اللفظ على المعنى الاعتقادي ـ وإلّا لجاز أن يقال : «ركب زيد الحمار ، وذهب إلى الإسكندريّة» ، بمجرّد اعتقاده ذلك ، أو يقال : «زيد أعلم من في الأرض ، وأفقه فقهاء الإسلام» بمجرّد اعتقاده ذلك.
فلا يكون محيص حينئذ من جعل الأخذ بالأربع قرينة استعمال الألفاظ في الأعمّ ، وذلك لا ينافي الحكم ببناء الإسلام عليها ؛ فإنّ تكرار اسم الجنس في الكلام ، أو ما بحكم التكرار لا يقتضي اتّحاد مصداق المحكوم عليه في المقامين.
وربما يستدلّ للقول بالأعمّ بفتويين أفتي بهما في الفقه.
الأولى : صحّة نذر ألا يصلّي في المواضع المكروهة ، أعني ترك ما هو مدلول هذا اللفظ.
الثانية : حصول الحنث بإتيانه في تلك المواضع.
تقريب الاستدلال : أنّ الصلاة لو كانت اسما للصحيح لم تجتمع هاتان الفتويان بل إمّا بطل النذر ؛ لعدم القدرة على المنذور ـ ولو بسبب تعلّق النذر لأجل تعلّق النذر ـ والقدرة من شرائط صحّة النذر. وإمّا لم يحصل الحنث ـ كما في نذر النتيجة ، وإن كان المنذور هو ترك الفعل ـ وبطلان التالي بكلا شقّيه يكشف عن بطلان المقدّم.
ويردّه : أنّ متعلّق النذر لا يخلو إمّا هو صحيح لو لا النذر ، أو الصحيح حتّى مع النذر ، أو الفاسد ، أو الأعمّ ، والكلّ باطل.
أمّا الأوّل ؛ فلأنّه نذر لترك أمر راجح ؛ لرجحان الصلاة في ذاتها ، وإن كانت أقلّ رجحانا في تلك الأمكنة المكروهة ، وذلك لا يوجب انعقاد نذر تركها ، وإلّا لجاز نذر ترك كلّ عبادة هي أقلّ مصلحة من غيرها.
وأمّا الثاني ؛ فلعدم القدرة من المتعلّق لتوقّف الصحّة بعد النذر على عدم النذر ، فكان