بالمطلوبيّة ، ولو مرّة بعد أخرى ، وكرّة بعد أولى ـ أو أنّ المتّصف بالمطلوبيّة وجودها في الجملة وفي فرد ما ، فإذا حصلت في فرد سقط الأمر ولم يبق ما يقتضي اتّصاف الباقي بالمطلوبيّة؟
الحقّ هو الثاني. وتوضيحه بما يظهر به الفرق بين الأمر والنهي في اقتضائهما ـ حيث إنّ النهي يقتضي مبغوضيّة الطبيعة في أيّ فرد تحقّقت ، فكيف لا يقتضي الأمر محبوبيّتها كذلك ، مع أنّهما جميعا متعلّقان بالطبيعة ، هذا بوجودها وذاك بعدمها ـ هو : أنّ الطبيعة في ذاتها مع قطع النظر من لحاظ كلّ خصوصيّة لا يعقل فيها إطلاق ولا تقييد ولا إهمال. وإنّما الأقسام الثلاثة تنشأ من ملاحظتها مع شىء من الخصوصيّات ، فتارة تلحظ سارية في كلّ الأفراد فتوصف حينئذ بالإطلاق ، وأخرى مقيّدة راكدة في فرد واحد أو أفراد معيّنة فتوصف بالتقييد ، وثالثة مقيّدة في فرد او أفراد غير معيّنة فتوصف حينئذ بالإهمال.
وأمّا هي في ذاتها فلا مهملة ولا مطلقة ولا مقيّدة ، وإنّما الإهمال والإطلاق والتقييد بالنظر إلى الطوارئ. فلا إهمال في متن ذات الطبيعة كما لا أخويه ، إنّما الإهمال أوّلا وبالذات للقيد ـ حيث لم يعيّن ـ والطبيعة موصوفة به ثانيا وبالعرض ومن باب الصفة بحال المتعلّق.
فالطبيعة مهملة القيد ، وبهذا المعنى يوصف بعض الخطابات القرآنيّة بالإهمال يعني أنّها مقيّدة بقيود لم تذكر ، وإلّا فالطبيعة في ذاتها أيّ إهمال فيها؟! بل هي شيء ذو تعيّن قبال سائر الأشياء وسائر الطبائع.
ثمّ إنّه لا مانع من وقوع الطبيعة كذلك تحت الطلب ؛ فيلحظ محض الطبيعة فيطلب وجودها أو يطلب عدمها. وحيث إنّ الطبيعة في ذاتها سيّالة صادقة على كثيرين حصلت بوجود فرد واحد من أفرادها ، ولازم ذلك سقوط الطلب المتوجّه إلى الفعل ، ومقتضى ذلك أن يكون ارتفاعها بارتفاع جميع الأفراد ، ولازمه عدم سقوط الطلب المتوجّه إلى الترك إلّا بترك جميع الأفراد مع اتّحاد الطبيعة الواقعة تحت الطلبين ، فلا ينبغي أن يقاس الأمر على النهي ، ثمّ يحكم بعدم الإجزاء فيه حذو النهي.
نعم ، إذا وجّه الطلب إلى الطبيعة بقيد العموم والسريان اقتضى ذلك الإتيان بما تيسّر من