حالي ، ولا للمنشإ فإنّه أيضا حالي بحاليّة الإنشاء ، ولا لإرادة الإنشاء أو إرادة مضامين تلك العقود ؛ فإنّها أسبق تحصّلا وأحرى بالحاليّة ، وإنّما [هي] حقيقة لوحظت مقيّدة فأنشئت ، فالإرادة حاليّة والمنشأ وقف معلّق. فالتعليق راجع إلى حقيقة الوقف المنشأ لا إلى إنشائه ، فلذا كان إنشاء هذا المعلّق حاليّا وكانت منشئيّته أيضا حاليّة.
وأمّا في المقام فمادّة الوجوب هي تلك الإرادة القائمة بنفس المولى ـ السابقة على إنشاء الطلب الباعثة إلى إنشائه ـ وقد عرفت أنّ الإنشاء ـ وبالأحرى علّة الإنشاء ـ لا يتطرّق إليها التعليق ليكون الطلب معلّقا.
فقد تحصّل أنّه لا سبيل إلى إرجاع التعليق إلى الطلب ـ وإن كان ظاهر لفظه ذلك ـ إذ كلّ قيد يلي الجملة فظاهره العود إلى مضمون هيئة الجملة دون مفرداتها ، ومن القيود التعليق فيلزم أن يرجع إلى هيئة الجملة الطلبيّة ، ومضمون هيئة الجملة الطلبيّة هو الطلب وما بقي قيوده ومتعلّقاته ، فينبغي أن يعود التعليق إليه. لكنّك عرفت استحالته في مقام ثبوته وإثباته ، فلا بدّ صرفه عن ذلك إلى ما هو المعقول.
إلى هنا تمّ لك لا معقوليّة عود التعليق إلى الطلب بمقامي ثبوته وإثباته. ولا ثمرة بعد ذلك لتعيين عوده إلى شيء من مادّة الصيغة ، والنسبة بين المادّة والهيئة ، ونسبة مجموع المادّة بهيئتها إلى المفعول به فيما إذا كان الفعل متعدّيا ، أو إلى نفس المفعول به مقطّعا له بقطعات ، أو إلى نسبة الطلب إلى ضمير المخاطب. مع أنّ النسب الثلاث تشارك الهيئة في لا معقوليّة عود التعليق إليها لتحقّقها بهذه العبارة ، فكيف تعلّق بعد أن ثبتت وتحقّقت؟! فلم تبق سوى مادّة الصيغة وسوى المفعول به ، ولا يبعد تعيّن عوده إلى الأوّل ؛ لأنّه معنى حدثي ، بل تقطيع الذات بعيد عن الأفهام العاميّة.
ثمّ إنّ في المقام وجهين آخرين لبطلان عود التعليق إلى الطلب ، إلّا أنّهما مختصّان بما إذا كان إنشاء الطلب بالهيئة فنتيجتهما أخصّ من المدّعي.
[الوجه] الأوّل : أنّ التعليق ـ وكذا التقييد ـ ضرب من الحكم ، والحكم لا يعقل لموضوع لم يلتفت إليه إلّا تبع تصوّر الغير كما في معاني الحروف والهيئات.
[الوجه] الثاني : أنّ معاني الهيئات والحروف معان جزئيّة ، والجزئي غير قابل للتقييد الذي منه التعليق.