وعلى هذا يجب أن ينوي المصلّي التقرّب بكلّ الشرائط المعتبرة ، كما يجب أن ينوي التقرّب بكلّ الأجزاء. فلو صلّى وكان حفظه للطهارة أو للساتر أو للاستقبال لا لداعي الأمر ، بل بداع آخر ـ بحيث لولاه لأحدث في أثناء الصلاة ـ أو ألقى الساتر عن نفسه ، أو حوّل وجهه عن القبلة لم تكن صلاته تلك بصلاة وكان كما إذا لم ينو التقرّب ببعض الأجزاء.
الرابع : إنّما يكون الربط بين شيئين مأتيّا به بداعي الأمر إذا كان طرفاه مأتيّا بهما بداعيه. فإذا كان قد أتى بالطرفين أو بأحدهما لا بداعي الأمر ، لا محالة كان الربط لا بداعي الأمر. وعليه فالمركّب العبادي لا بدّ من إتيانه بأجزائه وشرائطه بداعي الأمر. فلو أتى بشيء منه لا بداعيه ـ ولو كان ذلك الشيء شرطا ـ كان المركّب مأتيّا به لا بداعيه.
وهذا الأمر الذي يدعو إلى الأجزاء والشرائط ـ ويكون الإتيان بالشرائط بداعيه كما يكون الإتيان بالأجزاء بداعيه ـ هو الأمر النفسي المتعلّق بالمركّب دون غير المترشّح إلى الشرط إن قلنا بالترشّح ؛ فلا يشكل علينا بأنّ الأمر الغيري لا يكون عباديّا.
ثمّ إنّ هذه الدعوة ـ يعني الأمر إلى الشرط ـ لا تنافي خروج رقبة الشرط عن حيّز الأمر ؛ فإنّه كفى في دعوة الأمر دخوله بتقيّده تحت الأمر ، فإنّ الأمر يدعو إلى مقدّمات متعلّقه كما يدعو إلى نفس متعلّقه ، فالربط والتقييد بين شيئين إذا أدخل تحت الأمر دعا الأمر إليه بدعوته إلى طرفي الربط ودعا إلى طرفي الربط بدعوته إلى الربط.
ولمّا كان بعض الشرائط إذا حصل ـ ولو بداعي الأمر ـ سقط طلبه كما في الطهارة الخبثيّة في الصلاة ، توهّم من ذلك أنّ أمرا واحدا يمكن أن يكون عباديّا في بعض متعلّقه وتوصّليّا في بعض آخر وبالنسبة إلى الشرائط. وهو توهّم فاسد ؛ لما تقدّم من عدم معقوليّة التبعّض ، وإنّما يسقط الأمر بالصلاة في تلك الموارد مع عدم الإتيان بشرطها بداعي الأمر لارتفاع موضوع الخطاب وانقلاب خطاب إلى خطاب آخر ؛ فإنّ البدن واللباس قيد في خطاب من لم يكن ذلك منه طاهرا ، أمّا من كان ذلك منه طاهرا ـ ولو بغسل غير منوي به التقرّب ـ فخطابه بالصلاة مطلق غير مقيّد ، فبالغسل للثوب والبدن ـ بأيّ داع كان ـ انقلب خطاب «صلّ متطهّرا» إلى خطاب «صلّ» بلا قيد ، وإنّما يكون ممتثلا لخطاب «صلّ متطهّرا» من أتى بصلاته وطهارته بداعي الأمر.
فقد اتّضح لك في طيّ ما ذكرناه من الأمور أنّ عباديّة الطهارات الثلاث إنّما هي باقتضاء