مسحته بالسيف كما مسسته به ؛ يكنى بذلك عن الضرب. يقال إنه عليهالسلام (١) كشف عراقيبها وأعناقها بالسّيف غضبا لله تعالى ، وكان ذلك مباحا في شرعه في قصة مذكورة في التّفسير. ويقال : بل يوضّح على حقيقته وأنه عليه الصلاة والسّلام كان يمسح بيده على نواصيها وأعراقها حنوّا عليها.
قوله : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى)(٢) سمي بذلك مسيحا ، قيل : لأنّه كان لا يمسح ذا عاهة إلا عوفي. وقيل : لأنه كان يمسح الأرض أي يقطعها بالسّير. يقال : مسحت الأرض : إذا ذرعتها أو سرت فيها ، وكذا كان عليهالسلام يسيح فيها ؛ فهو فعيل بمعنى فاعل ، وقيل : لأنّ زكريا عليهالسلام مسح عليه ، وقيل : لأنّ المسيح ضدّ المسيخ ـ بالخاء المعجمة ـ قال أبو الهيثم : يقال : مسحه الله ـ بالمهملة ـ خلقه خلقا حسنا مباركا ، ومسخه ـ بالمعجمة ـ أي خلقه خلقا ملعونا قبيحا. وفي التفسير بشاعة فظيعة. وقال ابن الأعرابي : المسيح : الصّدّيق. وقال أبو عبيد : أصله بالعبرانية (ماشيحا) فعرب كما عرب موسى (٣). وقيل : كان بالعبرانية (مشوحا) فعرب. وقيل : لأنه كان في زمان قوم يقال لهم المشّاؤون والمسّاحون ، أي السائحون في الدنيا ؛ سمي بذلك لذهابه في الأرض ، وقيل : لأنه خرج من بطن أمّه ممسوحا بالدّهن. وقال الراغب (٤) : قال بعضهم : المسيح هو الذي مسحت إحدى عينيه ، وقد روي أن الدجّال ممسوح اليمني وأنّ عيسى كان ممسوح اليسرى. قال : ويعني بأنّ الدجّال قد مسحت عنه القوة المحمودة من العلم والعقل والحلم والأخلاق الجميلة ، وأنّ عيسى قد مسحت عنه القوة الذّميمة من الجهل والشّره والحرص وسائر الأخلاق الذميمة. قلت : لا ينبغي بل لا يجوز اعتقاد مسح العين في عيسى عليهالسلام لأنه عاهة ، فإن قلت : فأيوب قد ابتلي أجيب بأنه قد عوفي ، فإن قيل : فشعيب قد أعمي فعلى تقدير صحته ليس هو في البشاعة كالعور. وأمّا الدجال فسمي مسيحا لمسح عينه اليمنى ، ومنه الحديث : «أعور عينه». وقيل : لأنّه يمسح الأرض فيقطعها من المشرق إلى المغرب ، وقيل : مسح
__________________
(١) يعني النبي سليمان في الآية.
(٢) ١٧١ / النساء : ٤.
(٣) من الأصل : موشي.
(٤) المفردات : ٤٦٨.