هُوَ بِمَيِّتٍ)(١) قلت : وفي معناه قوله تعالى : (ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى)(٢) وعليه قول الشاعر (٣) : [من الطويل]
ألا من لنفس لا تموت فينقضي |
|
شقاها ولا تحيا حياة لها طعم |
وكان عمر بن عبد العزيز كثيرا ما يتمثّل بقول الشاعر : [من الطويل]
كفى حزنا أن لا حياة هنيئة |
|
ولا عملا يرضى به الله صالح |
الخامس : المنام ، ومن ثمّ قيل : النوم موت خفيف ، والموت نوم ثقيل ، ومن ثمّ سمّاه الله تعالى وفاة ، فقال : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها)(٤) الآية ، (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ)(٥). وسأل رجل ابن سيرين عن رجل فقال : توفّي. فلما رأى جزع الرجل قال : ألم تسمع الله تعالى يقول : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) الآية ، فسكن جأشه.
قوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ)(٦) قيل : معناه : نفى عنهم الحزن المذكور في قوله : (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ)(٧) وقيل : نفى عنهم وعن أرواحهم فإنه نبّه على نفسهم. وقد جاء مفسّرا في الحديث : «إنّ أرواحهم في حواصل طير خضر تعلق من الجنة وتأوي إلى قناديل من ذهب» (٨) فهذه حياتهم ونفي الموت عنهم.
قوله : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)(٩) هذه عبارة عن زوال القوة الحيوانية وإبانة الروح عن الجسد. قوله : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)(١٠) أي أنّك ستموت ، تنبيها أنه لا
__________________
(١) تابع الآية السابقة.
(٢) ١٣ / الأعلى : ٨٧.
(٣) مذكور في اللسان ـ مادة طعم ، وفيه : ألا ما ..
(٤) ٤٢ / الزمر : ٣٩.
(٥) ٦٠ / الأنعام : ٦.
(٦) ١٦٩ / آل عمران : ٣.
(٧) ١٧ / إبراهيم : ١٤.
(٨) صحيح مسلم ، الإمارة ١٢١ ، وانظر خلاف الرواية.
(٩) ١٨٥ / آل عمران : ٣.
(١٠) ٣٠ / الزمر : ٣٩.