ينفلت منه أحد وإن كان أكرم الخلق ، كقوله : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ)(١).
وقال الشاعر : [من الطويل]
ولو كان مجد يخلد الدهر واحدا |
|
خلدت ولكن ليس حيّ بخالد |
وقال آخر (٢) : [من الرجز]
والموت حتم في رقاب العباد
وقال آخرون : الميت في الآية معناه التحلّل والنّقص ؛ فقوله : (إِنَّكَ مَيِّتٌ) ليس إشارة إلى إبانة الروح عن الجسد ، بل هو إشارة إلى ما يعتري الإنسان في كلّ حال من التحلّل والنّقص ، فإنّ البشر ما دام في الدّنيا يموت جزءا فجزءا. وقد عبّر قوم عن هذا المعنى بالمائت ، وفرّقوا بين الميّت والمائت ، فقالوا : المائت هو المتحلّل ، وقد ردّ هذا القاضي الجرجاني فقال : ليس في لغتنا مائت على حسب ما قالوه ، وإنما يقولون : موت مائت نحو : شعر شاعر ، وسيل سائل ، ويقال : ميّت وميت ، قال فجمع بين اللغتين (٣) : [من الخفيف]
ليس من مات فاستراح بميت |
|
إنّما الميت ميّت الأحياء |
والأصل ميوت ، فأدغم بعد القلب ، ومثله (المؤمن هين لين) (٤) الأصل التشديد.
والميتة من الحيوان : ما زالت روحه بغير تذكية ، والموتان يقابل (٥) الحيوان ، وهي
__________________
(١) ٣٤ / الأنبياء : ٢١.
(٢) من شواهد المفردات : ٤٧٧.
(٣) البيت لعدي بن الرعلاء كما في شرح المفصل : ١٠ / ٦٩ ، والبيان والتبيين : ١ / ١١٩. والحيوان : ٦ / ٥٠٨.
(٤) قال ابن الأعرابي : العرب تمدح بالهين واللين مخففين ، وتذمّ مثقّلين. وفي النهاية : «المسلمون هينون لينون» (٤ / ٢٨٩).
(٥) وفي المفردات : بإزاء.