من الأمكنة. وقيل : لأنه نجا من السّيل. والناجي كأنه حلّ في ذلك المكان ، ثم أطلق على كلّ خلاص.
قوله تعالى : (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ)(١) أي نلقيك على نجوة من الأرض ليراك الناس فيعرفوك. وذلك أنه لمّا أغرق الله فرعون وملأه ، قال بنو إسرائيل : لم يغرق فرعون. فسأل موسى ربّه ، فلفظه البحر من جوفه على ربوة من الأرض ، وعليه درعه المعروفة. وهي التي عنى بها الباري تعالى في قوله (بِبَدَنِكَ) أي عريانا مجرّدا من ثيابك ليعرفك الخاصّ والعامّ.
ونجّيته وأنجيته لغتان ، وقد قرئتا. والتّنجية : الإزالة. ومنه قشر الشجرة (٢) وجلد الشاة : سلخته. وأنشد قول الشاعر (٣) : [من الطويل]
فقلت : انجوا عنها نجا الجلد إنه |
|
سيرضيكما منها سنام وغاربه |
قوله تعالى : (وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى)(٤) التّناجي : المسرّة. وناجيت فلانا : ساررته. وأصله أن تخلو به في نجوة من الأرض لتفشي سرّك. وقيل : من النجاة ، لأنه قد قد يعاونك فتخلص من الهمّ. وقيل : لنجاتك بسرّك من أن يطّلع عليه أحد.
قوله : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ)(٥) يجوز أن يكون النّجوى مصدرا مضافا لفاعله ، وهو ثلاثة ، وأن يكون مرادا به الأشخاص ، ويكون «ثلاثة» بدلا منها حسبما بينّاه في غير هذا الموضع. ويدلّ للثاني (وَإِذْ هُمْ نَجْوى)(٦) أي متناجون. وللقائل بالأول أن يقدّر «وإذ هم نجوى».
__________________
(١) ٩٢ / يونس : ١٠.
(٢) يريد : نجوت قشر الشجرة.
(٣) قاله الشاعر يخاطب ضيفين طرقاه ، كما في اللسان ـ مادة نجا. قال الفراء : أضاف النجا إلى الجلد لأن العرب تضيف الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان.
(٤) ٩ / المجادلة : ٥٨.
(٥) ٧ / المجادلة : ٥٨.
(٦) ٤٧ / الإسراء : ١٧.