ذلك من النّجوة : الأرض المرتفعة التي تقضى بها الحاجة ، كما كني بالغائط عن ذلك ، وهو المكان المطمئنّ الذي يؤتى لقضاء الحاجة. وقيل : معنى استنجى طلب نجوة أي قطعة مدر لإزالة الأذى ، كقولهم : استجمر ، أي طلب جمارا ، أي أحجارا. وأما النّجأة (١) ، بالهمزة ، فالإصابة بالعين ، ومنه الحديث : «ردّوا نجأة السائل باللقمة» (٢).
قوله : (خَلَصُوا نَجِيًّا) قد تقدم أنه بمعنى متناجين ، وأنه وصف على فعيل. قال الهرويّ : هو مصدر كالصّهيل والسّهيق ، يقع على الواحد والجماعة نحو : رجل عدل. ومنه (خَلَصُوا نَجِيًّا). وأنشد لوقوعه على الجمع قول جرير (٣) : [من الكامل]
يعلو النّجيّ إذا النّجيّ أضجّهم |
|
أمر تضيق به الصدور ، جليل |
قلت : وجه الشاهد عود ضمير جماعة الذكور في قوله : أضجّهم ، على لفظ النجيّ.
ثم حكي عن الأزهريّ أنّ نجيا جمع أنجية ، وكذلك قوله : (نَجْوى). قال : وقيل : نجيّ جمع ناج نحو : ناد ونديّ لأهل المجلس ، وعار وعريّ وحاجّ وحجيج. وفيما قاله نظر ، ليس هذا موضعه.
وفي الحديث «أتوك على نواج» (٤) وهو جمع ناجية ، يعني إبلا مسرعات. يقال : نجوت نجا أنجو (٥) أي أسرعت. وفي الحديث أيضا : «إذا سافرتم في الجدب فاستنجوا» (٦) أي أسرعوا. وفي آخر «وإني لفي عذق أنجي منه رطبا» (٧) ، وفي رواية «أستنجي» ومعناها : ألتقط. واستنجيت النّخلة : لقطتها. وقد أدخل الهرويّ لفظ نجي في مادة (ن ج ي) بعد ما ذكره في مادة (ن ج و) والصواب ذكره في ذوات الواو. والله أعلم.
__________________
(١) المفروض أنها في مادة ن ج أ.
(٢) النهاية : ٥ / ١٧. ويقال للرجل الشديد الإصابة بالعين : إنه لنجوء.
(٣) الديوان : ٤٧٤.
(٤) النهاية : ٥ / ٢٥ ، يريد : قلص نواج.
(٥) وفي الأصل : ينجو.
(٦) النهاية : ٥ / ٢٥.
(٧) النهاية : ٥ / ٢٦.