وتضحك مني شيخة عبشمية |
|
كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا |
وفي هذا البيت أربعة شواهد لمسائل نحوية ، بيّنّاها في غير هذا الموضع (١).
والنّحاتة : ما يسقط من الشيء المنحوت. والنّحيت : الشيء المنحوت. والنّحيتة : الطبيعة التي جبل عليها الآدميّ ، وطبع عليها كأنه نحت عليها ، كما أن الغريزة ما غرز عليها الإنسان. وهو مجاز عن اتخاذه وخلقه كذلك.
ن ح ر :
قوله تعالى : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)(٢) قيل : المراد انحر الضّحايا. والنحر : قطع الشيء المنحور ، وأصله من نحرت ، أي أصبت نحره ، نحو ركبته ، أي أصبت ركبته ، والنحر في الإبل غالبا ، والذّبح في البقر والغنم. وقرأ عبد الله بن مسعود «فنحروها» موضع (فَذَبَحُوها)(٣) ، وهو تفسير ودفع توهّم من يتوهّم خلاف ذلك.
وقيل : «انحر» اجعل يديك على صدرك تحت نحرك في الصلاة. وقيل : «انحر» انتصب بنحرك. قال المبرد : أراد القبلة ، فإذا انتصب الإنسان في صلاته فنهد قيل : قد نحر. قال بعضهم : حثّ على مراعاة هذين الرّكنين ، وهما الصلاة ونحر الهدي. فإنه لا بدّ من تعاطيهما. فذلك واجب في كلّ ملّة. وهذا عند من يرى وجوب الأضحية أو الإهداء إلى البيت. وقيل : معناه حثّ الإنسان على قتل نفسه بقمعها عن شهواتها ، فذلك نحرها. فهو تفسير صوفيّ.
والنّحر من الآدميّ موضع القلادة ، وتفرته (٤) : الفرجة بين العظمتين. والنّحرير : الحاذق بالشيء العالم به. ومنه الحديث : «وكّلت الفتنة بثلاثة : بالحادّ النّحرير» (٥) أي الفطن الحاذق ، كأنه ينحر نفسه اجتهادا فيما يعانيه.
__________________
(١) والذي يهم هنا أنه شاهد على النحت. وانظر للتفصيل فيه : شرح المفصل : ٥ / ٣٦ و ٩٧ ، والمغني : ٢٧٧ ...
(٢) ٢ / الكوثر : ١٠٨.
(٣) ٧١ / البقرة : ٢.
(٤) التفرة : الدائرة تحت الأنف في وسط الشفة العليا. وقال ابن الأعرابي : تفرة ، وتفرة ، وتفرة.
(٥) النهاية : ٥ / ٢٨.