وانتحروا على كذا : تقاتلوا ، تشبيها بنحر البعير ، ونحرة الشهر ونحيره (١) : أوّله. وقيل : آخر يوم منه ، كأنه ينحر الذي قبله. وأنشد بعضهم : [من البسيط]
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه |
|
وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا |
هذا الذي ترك الأوهام حائرة |
|
وصيّر العالم النحرير زنديقا |
والنّحرير بكسر الفاء ، وفتحها خطأ. ويقال : نحرير بيّن النّحريرة. فالنحريرة اسم للمصدر.
ن ح س :
قوله تعالى : (فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ)(٢) أي مشؤوم. وكذا قوله (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ)(٣) إلا أنه لم يقرأ (فِي يَوْمِ نَحْسٍ) إلا بالإضافة وسكون العين ، ولم يقرأ (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) إلا بالتنوين والوصفية مع سكون العين وكسرها. والمقتضى لذلك أنه وصف الأيام بكونها مشؤومات في أنفسها. لما حلّ فيها من الشّؤم. وأما قوله (فِي يَوْمِ نَحْسٍ) فالمراد إضافة الزمان إلى العذاب الموصوف بالنحس. والنحس ضدّ السّعد. فإن قيل : كيف قيل في موضع (فِي يَوْمِ نَحْسٍ) وفي آخر (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) فأفرد هنا وجمع هناك وأضاف الزمان هنا ووصفه بالنحس هناك؟ ولم تخصّص كلّ موضع بذلك؟ ولم التزم سكون العين مع الإفراد وقرىء بالوجهين مع الجمع من أنّ القصة واحدة والمرسل نبيّ واحد (٤) وهو الريح الصّرصر؟ الجواب على سبيل الاختصار أنه لمّا لم يذكر العذاب في سورة القمر ناسب إضافته إليه تقديرا ، وأنّ المقام في (فُصِّلَتْ)(٥) يقتضي التهويل على قريش فناسب الجمع.
__________________
(١) وفي الأصل : وبعيره. وهو وهم.
(٢) ١٩ / القمر : ٥٤.
(٣) ١٦ / فصلت : ٤١. وقرى «نحسات».
(٤) الظاهر أن في التركيب سهوا.
(٥) في الأصل «حم» وهو سهو ، إذ ليس فيها ذكر للمقصود. وإنما أراد ب «حم» بدأها ، وإنما أراد الفصل بين سورة «القمر» وسورة «فصلت».