وقوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ)(١) أي لم يظهروا تلهّفهم على ما فرّطوا ، خوفا من شماتة الأعداء ، نظرا إلى قوله : [من الكامل]
والموت دون شماتة الأعداء
ن د ي :
قوله تعالى : (يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ)(٢) قيل : هو إسرافيل ينادي بصوت عظيم يسمعه كلّ أحد : أيتها الأجسام البالية ، والعظام الناخرة ، قوموا لحساب ربّ العالمين.
والنداء في الأصل : رفع الصوت بطلب من ينادى. وله حروف مخصوصة مذكورة في كتب العربية. وقد يقال : النداء ، للصوت المجرّد. ومنه قوله تعالى : (إِلَّا دُعاءً وَنِداءً)(٣) أي لا يعرف إلا الصوت المجرّد ، دون المعنى الذي يقتضيه تركيب الكلام.
قوله : (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا)(٤) أي دعاه واستغاث به. وإنما أخفاه ، لأنّ إخفاء الدّعاء مطلوب لبعده عن الشوائب. وقيل : إنما أخبر عنه بالنداء منبهة على أنّ الدّاعي استقصر نفسه ، وهضمها تواضعا لربّه تعالى. والأنبياء ـ عليهم الصلاة والسّلام ـ أعرف بمقام الحقّ وأخوف الناس منه مع أنّهم أقربهم إليه. وعبّر الراغب هنا بعبارة سيئة ، لا يليق ذكرها على الأنبياء (٥).
قوله : (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ)(٦) أي دعوتم إليها ، إشارة إلى الأذان والإقامة. قوله : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ)(٧) هو الرسول. وقيل : القرآن ، وقيل : كلّ رسول وكلّ كتاب منزل. وقال الراغب : أشار بالمنادي إلى العقل والكتاب المنزّل
__________________
(١) ٥٤ / يونس : ١٠.
(٢) ٤١ / ق : ٥٠.
(٣) ١٧١ / البقرة : ٢.
(٤) ٣ / مريم : ١٩.
(٥) المفردات : ٤٨٧ ، وليس فيه ما يشين ، ولكن المؤلف يأخذ من الراغب ويطعن عليه كعادته.
(٦) ٥٨ / المائدة : ٥.
(٧) ١٩٣ / آل عمران : ٣.