وجمعها نسك. قال تعالى : (أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)(١). وقال غيره : النّسك : الطاعة. وقال آخرون : النسك : ما أمرت الشريعة به ، والورع : ما نهي عنه.
وقال الهرويّ : وأخبرنا ابن عمار عن أبي عمر قال : سئل ثعلب عن معنى الناسك ما هو؟ فقال : هو مأخوذ من النّسيكة ، وهي السّبيكة من الفضة المصفّاة ، وكأنه صفّى الله نفسه. وقال ابن عرفة : «جعلنا منسكا» أي مذهبا من طاعة لله تعالى : نسك الرجل بنسك قومه ، أي سلك مذهبهم. فقوله : (وَأَرِنا مَناسِكَنا) ، يجوز أن يكون التقدير : أرنا متعبّداتنا من حجّ أو غيره ، أو مواقف حجّنا ، أو عبادة حجّنا ، أو مواضع ذبحنا ، أو مواقف عباداتنا.
ن س ل :
قوله تعالى : (إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ)(٢) أي يسرعون في عدوهم من قولهم : نسل الثعلب ، أي أسرع في ذهابه ، ينسل نسلا. ومنه قوله تعالى : (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)(٣). وقيل : النّسلان دون السّعي. وفي حديث لقمان بن عاد : «وإذا سعى القوم نسل» (٤) أي إذا سعوا لغارة أو مخافة ، قارب الخطو في إسراع. وفي الحديث : «شكوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الضعف. فقال : عليكم بالنّسل» (٥) قال ابن الأعرابي : النسل ينشط ، وهو الإسراع في المشي. وفي حديث آخر : «أن قوما شكوا إليه الإعياء فأمرهم أن ينسلوا» (٦). وقال بعضهم : النّسل : الذريّة ، وكأنّه أمرهم ـ لما شكوا ضعفهم ـ بالتوالد. وأصل النسل الانفصال عن الشيء. وهذا المعنى يخدمك في جميع ما قدّمته. ومنه نسل الوبر عن البعير ، والقميص عن الإنسان ، والريش عن الطائر. ويعبّر به عن الهجر والإبعاد. وأنشد لامرىء القيس (٧) : [من الطويل]
__________________
(١) ١٩٦ / البقرة : ٢.
(٢) ٥١ / يس : ٣٦.
(٣) ٩٦ / الأنبياء : ٢١.
(٤) النهاية : ٥ / ٤٩.
(٥) المصدر السابق.
(٦) يذكر ابن الأثير أنه رواية أخرى للحديث السابق.
(٧) من معلقته ، كما في الديوان : ٣٢. أراد بالثياب القلب.