قال الزجاجيّ : وذلك كقولك : والله ما رأيت زيدا ، أي ما ضربت رئته. ويقال لذلك القول : ملاحن القول ، ولقائله ملاحن ، وإليه أشار الطرمّاح بقوله (١) : [من الطويل]
وأدّت إلي القول عنهنّ زولة |
|
تلاحن أو ترنو لقول الملاحن |
يقال : لاحنت فلانا أي واطأته على كلام يفهمه عنّي دون غير ، وهذا كالاصطلاح على بعض التعبير عن الأشياء بلفظ غير مستعمل في موضعه ، وإلى هذا أشارت الكلبية بقولها (٢) : [من الطويل]
وقوم لهم لحن سوى لحن قومنا |
|
وشكل ، وبيت الله ، لسنا نشاكله |
قال الواحديّ : أي لغة ومذهب في الكلام يذهبون إليه سوى كلام الناس المعتاد. قال أبو عبيد : اللّحن ـ بفتح الحاء ـ الفطنة ، وبالكسر : الحاذق بالكلام الفطن له ، وقد وقع الفرق بين المعنيين بتغيير الحركة في الماضي وبتغيير الصّيغة في الصفة ، فيقال : لحن في كلامه ، أي أخطأ الإعراب يلحن ـ بالفتح ـ فيهما فهو لاحن. ولحن ـ بالكسر ـ يلحن ـ بالفتح ـ إذا فطن وفهم أو درى فهو لحن. وأما المصدر فاتّفقا فيه وهو اللّحن بزنة اللحم. وقال الفراء : يقال للرجل يعرّض ولا يصرّح جعل ذلك لحنا لحاجته ، ويقال من هذا : لحن يلحن ـ بالفتح ـ فأمّا لحن ـ بالكسر ـ يلحن فالمراد به : فطن وفهم ، ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «ولعل بعضهم ألحن بحجّته من بعض» (٣) أي أفطن. قلت : وعلى هذا فقد وقع الفرق بين لحن ولحن بالفتح والكسر ، من وجه آخر ؛ فبالفتح أي عرّض وجعل ذلك لحنا لحاجته ، وبالكسر إذا فهم ذلك وفطنه عن غيره ، وصار لحن ـ بالفتح ـ مشتركا بين الخطأ في الإعراب وبين التعريض والتورية. وفرّق بعضهم بين لحن ولحن أيضا بالمصدر ؛ فقال : أخطأ اللحن بسكون العين ومصدر فطن بفتحها مع الفرق بما تقدم ، وجعل من ذلك ما حكي عن معاوية وعبد الله بن زياد فقيل : إنه ظريف على أنه يلحن ، قال : أو ليس ذلك أظرف له؟ (٤) عنى معاوية بذلك اللّحن بفتح الحاء وهو الفطنة. وقال غيره : لم يرد إلا اللحن المعهود وهو
__________________
(١) مدكور في اللسان ـ مادة لحن.
(٢) في الأصل : الكلابية والتصويب من اللسان ـ مادة لحن ، والبيت فيه.
(٣) النهاية : ٤ / ٢٤١ ، وفيه «عسى أن ...».
(٤) النهاية : ٤ / ٢٤٢ ، ومعاوية سأل عن ابن زياد ، فقيل له ..