لأنهم نصروا الله من قوله تعالى حكاية عن عيسى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ)(١). قال : ويقال : نصرانيّ وأنصار ، وأنشد (٢) : [من الرجز]
لما رأيت نبطا أنصارا |
|
شمّرت عن ركبتي الإزارا |
يريد : نصارى. ويقال : نصرانيّ بيّن النّصرانية. وقيل : هم منسوبون إلى قرية يقال لها نصران ، وهذا أقيس في النسب من كونها ناصرة.
قوله : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ)(٣) نصرة الله لعباده ، وأمّا نصرتهم له تعالى فمعناها إن تنصروا دين الله ينصركم وتنصروا (٤) أنبياءه وأولياءه. وقيل : نصرته القيام بحفظ حدوده ورعاية عهوده واعتبار أحكامه واجتناب نهيه. قلت : هذا هو نصرة دين الله بعينه ، فهو شرح لذلك.
قوله : (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ)(٥) ولم يقل فانصرني ، تنبيه على أنّ ما نال النبيّ وكأنّما نال من أرسله على سبيل المجاز كقوله حكاية عن ربّه : «من عادى لي وليّا فقد آذنني بالمحاربة» (٦). وفي معناه : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ)(٧) قال الراغب (٨) : لم يقل : انصر تنبيها أنّ ما يلحقني يلحقك من حيث إنّي جئتهم بأمرك ، فإذا نصرتني فقد انتصرت لنفسك. وفي العبارة بعض شيء. ونصرت فلانا : أعطيته ، وهو استعارة من العون أو من نصر المطر الأرض.
وفي الحديث : «لا يؤمّنّكم أنصر ولا أزنّ ولا أفرع» (٩) الأنصر : الأقلف ، والأزنّ :
__________________
(١) ٥٢ / آل عمران : ٣.
(٢) الصدر في اللسان ـ مادة نصر.
(٣) ٧ / محمد : ٤٧.
(٤) ساقطة من س.
(٥) ١٠ / القمر : ٥٤.
(٦) صحيح البخاري ، الرقاق : ٣٨ ، وابن ماجه في الفتن : ١٦.
(٧) ١٠ / الفتح : ٤٨.
(٨) المفردات : ٤٩٥.
(٩) النهاية : ٢ / ٣١٦.