حثّهم على تأمّل حكمته في خلقها وما فيها من عجائب المصنوعات ، وتباين المخلوقات. قوله : (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ)(١) نظر الله تعالى [إلى] عباده عبارة عن إحسانه إليهم وإفاضة نعمه عليهم ، وهو متعال عن تقليب الحدقة والحاسّة. قوله تعالى : (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ)(٢) أي انتظرونا (٣). وقد قرىء : «أنظرونا» من الإنظار (٤) وهو التأخير ، لقوله : (أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)(٥). قوله : (وَما كانُوا مُنْظَرِينَ)(٦) قال بعضهم : نفى الإنظار عنهم إشارة إلى ما نبّه عليه بقوله تعالى : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)(٧). قوله : (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ)(٨) أي منتظرين نضجه. قوله تعالى : (وَقُولُوا انْظُرْنا)(٩) أي انتظرنا وتأنّ علينا ، كما تقدّم. ومن ذلك قول أمرىء القيس (١٠) : [من الطويل]
فإنكما إن تنظراني ساعة |
|
من الدهر تنفعني لدى أمّ جندب |
أي تنتظراني.
قوله تعالى : (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ)(١١) أي انتظار وتأخير. قوله : (وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ)(١٢) أي تبصرون وتشاهدون ذلك ، وقيل : تعتبرون. ويقال : نظره ، أي أعانه. وبه نظرة ، أي مسّ من الجنّ ، وأنشد (١٣) : [من الرمل]
نظر الدّهر إليهم فابتهل
__________________
(١) ٧٧ / آل عمران : ٣.
(٢) ١٣ / الحديد : ٥٧.
(٣) وفي الأصل : انظرونا.
(٤) قرأها كذلك يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة. وقرأها سائر القراء «انظرونا» بتخفيف الألف (معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٣٣).
(٥) ١٤ / الأعراف : ٧.
(٦) ٢٩ / الدخان : ٤٤.
(٧) ٣٤ / الأعراف : ٧.
(٨) ٥٣ / الأحزاب : ٣٣.
(٩) ١٠٤ / البقرة : ٢.
(١٠) الديوان : ٥٣.
(١١) ٢٨٠ / البقرة : ٢.
(١٢) ٥٠ / البقرة : ٢.
(١٣) الشاهد في المفردات : ٤٩٨.