أي خانهم فأهلكهم مجازا. والنظير : المثيل ، وأصله المناظر ، كأنّه ينظر كلّ واحد منهما إلى صاحبه ، فيناظره ويباريه. والمناظرة : المباحثة والمباراة في النظر ، واستحضار كلّ ما يراه ببصيرته. والنظر اصطلاحا : البحث ، وهو أعمّ عندهم من القياس ؛ فكلّ قياس نظر وليس كلّ نظر قياسا. قوله : (انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ)(١) ، أي انتظروا ما تتربّصون به من ظهوركم علينا على زعمكم إنّا منتظرون ما وعدنا ربّكم من نصره ، أو انتظروا ـ كما يزعمون ويقولون ـ انتهاء مدّتنا وتقاصر أمرنا إنا منتظرون ما يقع بكم من العذاب. وقد حقّق الله ما انتظره المؤمنون ، وأبطل ما انتظره الكافرون.
قوله : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ)(٢) أي هل ينظرون إلا نزول العذاب بهم؟ قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ)(٣) قيل : ينتظرون. قوله تعالى : (فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)(٤) أي يجازيكم بحسب أعمالكم جزاء من شاهد على العامل. قوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)(٥) أي مشاهدة تليق بجلاله من غير تكييف ولا تحييز ، كما صرّح بذلك في الأخبار الصريحة. فلو استقصينا الكلام في هذه المسألة لطال الكتاب وخرجنا عمّا نحن بصدده. وقد أتقنّاها في «القول الوجيز» وغيره ولله الحمد. وذكرنا تأويل المعتزلة من أنّ إلى جمع إلّ ، لا حرف جرّ (٦). والجواب عنه قوله : (لَنْ تَرانِي)(٧) فعليك باعتباره. وفي حديث الزّهريّ : «لا تناظر بكتاب الله عزوجل ولا بسنّة رسوله» (٨) قيل : معناه : لا تجعل شيئا نظيرا لهما يقول : لا تتّبع قول قائل وتدعهما. وقال أبو عبيد : لا تجعلهما مثلا لشيء يعرض ؛ كقول القائل لرجل يجيء في وقت يحتاج فيه إليه : (ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا
__________________
(١) ١٥٨ / الأنعام : ٦.
(٢) ٤٣ / فاطر : ٣٥.
(٣) ١٥٨ / الأنعام : ٦.
(٤) ١٢٩ / الأعراف : ٧.
(٥) ٢٣ / القيامة : ٧٥.
(٦) كذا قرأنا الجملة.
(٧) ١٤٣ / الأعراف : ٧.
(٨) النهاية : ٥ / ٧٨.