الرجل ، أي تكلّم بهجر عن قصد. وأهجر المريض : إذا أتى بذلك من غير قصد. وقيل : هجر وأهجر بمعنى. وقد قرىء قوله : (تَهْجُرُونَ) بهما (١). قال بعضهم (٢) : قد يشبّه المبالغ في الهجر بالمهجر ، فيقال : أهجر وإن قصدوا (٣). وأنشد قوله (٤) : [من الطويل]
كما جدة الأعراق قال ابن ضرّة |
|
عليها كلاما ، جار فيه وأهجرا |
ورماه بهاجرات فيه ، أي فضائح كلامه. والهجّيرى والإهجير : العادة والدّأب. وأصل ذلك إذا أولع فيه وهذى به هذيان المريض المهجّر. قال الراغب (٥) : ولا يكاد يستعمل الهجّير إلا في العادة الذّميمة ، إلا أن يستعمله في ضدّه من لا يراعي مورد هذه الكلمة عند العرب.
والهجير والهاجرة من الهجر أيضا لأنها ساعة يهجر فيها السّير ، أو لإنها تهجر الناس على المجاز. والهجار : حبل يربط به الفحل ، فهو سبب لهجران الفحل الإبل ، أي منعه عنها. وبني على مثال الزّمام والعقال لموافقته معنى ذلك. وهجار القوس : وترها ، وذلك تشبيه بهجار الفحل. وبعير مهجور : مربوط بالهجار. وقد فسّر بعض الناس قوله : (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ)(٦) أي اربطوهنّ بالهجار. قال بعضهم : هو من تفسير الثّقلاء.
وقيل : معنى «تهجرون» أي تتركون ، من الهجران ، وهو الترك. ومنه قوله : (وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً)(٧). وهذا كقوله تعالى : (يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً)(٨) ، وقيل : معناه : جعلوه بمنزلة الهذيان. والهجر والهجران : مفارقة الإنسان غيره ؛ أمّا بالبدن أو باللسان أو بالقلب. قيل : وقوله : (اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) يجوز
__________________
(١) وقرأ عكرمة «تهجّرون». و ل «سامرا» قراءات فيه. (مختصر الشواذ : ٩٨).
(٢) المفردات : ٥٣٧.
(٣) يريد : وإن قصدوا ذلك.
(٤) اللسان ـ مادة هجر.
(٥) المفردات : ٥٣٧.
(٦) ٣٤ / النساء : ٤.
(٧) ١٠ / المزمل : ٧٣.
(٨) ٣٠ / الفرقان : ٢٥.