أي ثمّ أدام طلب الهداية ، ولم يفتر عن تحرّيها. ولم يرجع إلى المعصية. وفي قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)(١) أي تحرّوا الهداية وقبلوها وعملوا بها ولم يخلّوا بشرائطها. قوله تعالى : (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً)(٢) ، الهدي : ما يهدى إلى البيت الحرام من الأنعام. والهديّة : مختصة باللطف الذي يهدي بعضنا لبعض. قال تعالى : (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ)(٣). وفيه لغتان : هديّ وهدي. قال الهرويّ : الهديّ والهدي لغتان وهما ما يهدى لبيت الله تعالى من بدنة وغيرها ، وهذا أعمّ ممّا ذكرناه أولا ، والواحد هديّة وهدية. وقال الفراء : أهل الحجاز وبنو أسد يخفّفون الهدي ، وتميم وسفلى قريش (٤) يثقلون الياء. وأنشد الفرزدق (٥) : [من الوافر]
حلفت بربّ مكّة والمصلّى |
|
وأعناق الهديّ مقلّدات |
قال : ويقال في جمع الهدي أهداء ، وفي جمع الهديّ هدى. ويقال للأنثى أيضا هدي وهدي ، نصّ عليه الأخفش وكأنّه في الأصل مصدر وصف به. وهذا ظاهر في المخففة الياء. وقال الراغب (٦) : والهديّ يقال في الهدي. وفي العروس يقال : ما أحسن هدية فلان! وقال أبو بكر : سمّيت الإبل هديّا لأنّ منها ما يهدى إلى البيت. وفي الحديث (٧) : «هلك الهديّ ومات الوديّ» ، أي هلكت الإبل ويبست النّخيل.
والهدي : الطريق ؛ يقال : ما أحسن هدي فلان! أي طريقه. وفي الحديث : «إنّ أحسن الهدي هدي محمد صلىاللهعليهوسلم» (٨). وفي حديث آخر : «كنّا ننظر إلى هديه ودلّه» (٩) أي طريقه وهباته. وفي آخر : «اهدوا هدي عمار» (١٠) أي سيروا بسيرته وفي الحديث : «خرج
__________________
(١) ١٥٧ / البقرة : ٢.
(٢) ٢٥ / الفتح : ٤٨.
(٣) ٣٥ / النمل : ٢٧.
(٤) وفي اللسان أن ثعلبا قال : ... وسفلى قيس ـ مادة هدي ، ويؤيده ابن الأثير في النهاية : ٥ / ٢٥٤.
(٥) مطلع قصيدة في ديوانه : ١٢٧. ومن عادتهم أن يقلدوا الهديّ بالنعال.
(٦) المفردات : ٥٤٢.
(٧) وفي الأصل : وفي البيت. والحديث لطهفة في صفة السنة كما في النهاية : ٥ / ٢٥٤.
(٨) النهاية : ٥ / ٢٥٣.
(٩) المصدر السابق.
(١٠) المصدر السابق.